يقول: لم يكن في الدنيا مثل سعد بن علي في الفضل. قال الإمام أبو الحسن الكرخي الفقيه: سألت ابن طاهر عن أفضل من رأى فقال: سعد الزنجاني وعبد الله بن محمد الأنصاري. قلت: فأيهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متقنًا، وأما الزنجاني فكان أعرف بالحديث منه، وذلك أني كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجربه ففي بعض يرد وفي بعض يسكت، والزنجاني كنت إذا تركت اسم رجل يقول: تركت بين فلان وفلان فلانًا.
قال أبو سعد السمعاني: صدق، كان سعد أعرف بحديثه لقلته، وعبد الله كان مكثرًا. قال ابن طاهر: سمعت الفقيه هياج بن عبيد يقول: يوم لا أرى فيه سعدًا لا أعتد أني عملت خيرًا؛ وكان هياج يعتمر كل يوم ثلاث عمر.
قال ابن طاهر: لما عزم سعد على المجاورة عزم على نيف وعشرين خصلة أن يفعلها من العبادات, فبقي أربعين سنة ولم يخل منها بواحدة، وكان يملي الحديث بمكة ولم يكن غيره يملي حين حكم المصريون على مكة وإنما كان يملي سرا في بيته. قلت: لأنهم كانوا من خبثاء الرافضة وأعداء الحديث.
قال ابن طاهر: دخلت على الشيخ سعد وأنا ضيق الصدر من رجل شيرازي فقبلت يده فقال لي ابتداء: يا أبا الفضل لا يضيق صدرك، عندنا في بلاد العجم مثل يضرب يقال: بخل أهوازي، وحماقة شيرازي، وكثرة كلام رازي؛ ودخلت عليه في أول سنة سبعين لما عزمت على الخروج إلى العراق أودعه ولم يكن عنده خبر من عزمى فقال:
أراحلون فنبكي أم مقيمونا
فقلت: ما أمر الشيخ لا نتعداه؛ فقال: علام عزمت؟ فقلت: أريد ألحق مشايخ خراسان؛ فقال: تدخل خراسان وتبقى بها ويفوتك مصر فيبقى في قلبك، فاخرج إليها ومنها إلى العراق وخراسان؛ ففعلت وكان في ذلك البركة. وسمعته يقول وقد جرى ذكر الصحيح الذي خرجه أبو ذر الهروي فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب وليس من شرط الصحيح.
سئل عنه إسماعيل الحافظ التيمي فقال: إمام كبير عارف بالسنة. مات الزنجاني في أول سنة إحدى وسبعين وأربعمائة أو في آخر التي قبلها, عاش تسعين عامًا فإنه ولد في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة أو التي قبلها. ولو سمع في الحداثة لأدرك إسنادًا عاليًا وإنما سماعاته في الكهولة.
ومات معه في السنة الوخشي المذكور، وعالم بغداد الفقيه أبو علي الحسين بن