المقدمة
الحمد لله القائل في كتابه العزيز: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: 7) ، والحمد لله - أيضاً - الذي أعطى لهذا الرسول أفضل ما يعطي فأعطاه هذا القرآن الذي يهدي لخيري الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} (الإسراء: 9) ، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة للعالمين.
ولما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم قد أعطى أمته أمراً بالتمسك بهذا الكتاب الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: 42) ، وكانت هذه الأمة قد أصابها الفلاح، والخير كله بالتمسك به، فإنَّ هذه البلاد قد أكرمها الله عزَّ وجلَّ برجال مؤسسين لها فهموا هذا المنهج، وأقاموا عليه أسس حكمهم، ولقد خططوا - أيضاً - لشعبهم حتى يمدوه بالخير الجزيل؛ حينما فهموا قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ... } (الأعراف:96) . الآية؛ فكأنَّما أنعم الله على هذه البلاد لبنائها أسس حياتها على هذا النهج القويم، فكان لها خيرا الدنيا والآخرة، فجزاهم الله عن هذه البلاد خاصة وعن جميع بلاد المسلمين عامة كل الخير والرحمة، إنَّه سميع مجيب.
هذا ومن خلال هذه المقدمة سأستعرض الخطوات التي تتبعتها في هذا البحث، وهي تتكون من تمهيد وفصلين.