" أَمَّا بَعْدُ " فَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرَبِ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ وَهُوَ بَيَانُ طَرِيقِ خَيْرِ الْخَلْقِ وَأَكْرَمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؟ وَهَذَا كِتَابٌ اخْتَصَرْتُهُ مِنْ كِتَابِ " الْإِرْشَادِ " الَّذِي اخْتَصَرْتُهُ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ الْحَافِظِ الْمُتْقِنِ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الصَّلَاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أُبَالِغُ فِيهِ فِي الِاخْتِصَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِالْمَقْصُودِ، وَأَحْرِصُ عَلَى إِيضَاحِ الْعِبَارَةِ، وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ الِاعْتِمَادُ، وَإِلَيْهِ التَّفْوِيضُ وَالِاسْتِنَادُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ: «إِنَّ لَكُمْ فِي خُمْسِ الْخُمْسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ» .

وَقَدْ قَسَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُمْسَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ تَارِكًا أَخَوَيْهِمْ بَنِي نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ مَعَ سُؤَالِهِمْ لَهُ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

فَآلُ إِبْرَاهِيمَ: إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ آلُ الْبَاقِينَ.

وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ عَنِ السُّنَّةِ بِالْحِكَمِ، أَخْذًا مِنْ تَفْسِيرِ الْحِكْمَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 129] ، وَقَوْلِهِ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] بِالسُّنَّةِ. قَالَ ذَلِكَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا.

[ورود أما بعد في خطب النبي وبيان منهجه في الكتاب]

(أَمَّا بَعْدُ) أَتَى بِهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَطَبَ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ "، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَذِكْرُهَا فِي خُطَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْهُورٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي حَدِيثِ: " إِنَّهَا فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ دَاوُدُ " رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ.

(فَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرَبِ) جَمْعُ قُرْبَةٍ أَيْ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ (إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015