معك، فقال: لا يغدو معي منكم أحد إنكم إن رأيتموه حلتم بيني وبين ضربه، وقد عصا أمري كما ترون، فخرج على بعير له سريعا حتى لحق ابنه، ثم حدر النّعم إلى المدينة، فلما كان ببطن قناة لقيته خيل لأبي بكر عليها ابن مسعود رضي الله تعالى عنهم ويقال محمد بن مسلمة، وهو أثبت عندنا، فلما نظروا إليه ابتدروه وما كان معه، وقالوا: أين الفوارس الذين كانوا معك؟ قال: ما معي أحد، قالوا:

بلى لقد كان معك فوارس فلما رأونا تغيبوا، فقال ابن مسعود: خلّوا عنه فما كذب ولا كذبتم، جنود الله معه ولم تروهم، فقدم على أبي بكر بثلاثمائة بعير. وذكر بعض من ألّف في الردة أن الزبرقان بن بدر هو الذي فعل هذا الفعل المنسوب إلى عدي بن حاتم، فإما أن يكونا فعلاه توفيقا من الله لهما، وإما أن يكون هذا مما يعرض في النقل من الاختلاف. انتهى.

فائدتان لغويتان:

الأولى: في «الصحاح» (1: 52) ربأت القوم ربأ وارتبأتهم أي رقبتهم، وذلك إذا كنت لهم طليعة فوق شرف، يقال: ربأ لنا فلان وارتبأ والرّبيء والرّبيئة:

الطليعة، والجمع الرّبايا.

الثانية: بطن قناة الموضع الذي كان فيه ابن مسعود وأصحابه يرتبئون؛ قال البكري (1096) قناة بفتح أوله وثانيه وهاء التأنيث: واد من أودية المدينة.

وروى مالك عن يحيى بن سعيد قال: بلغني أن السائب بن خبّاب توفي وأنّ امرأته جاءت عبد الله بن عمر فذكرت له وفاة زوجها وذكرت حرثا بقناة، فسألته هل يصلح لها أن تبيت فيه؟ فنهاها عن ذلك، فكانت تخرج من المدينة سحرا فتصبح في حرثهم فتظلّ فيه يومها، ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها.

تنبيه:

تقدم ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في باب الطهور، ويأتي ذكر محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه في باب المقيمين للحدود في آخر هذا الجزء إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015