هذا العمل كالعمل الذي قبله في عدم النصّ على كونه في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، لكنه يتخرج من حديث سعد الذي تقدم قبل، وقد تقدم في الباب الذي قبل هذا أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه أمر عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه بالعسس بالليل والارتباء بالنهار.
وفي «الاكتفاء» (?) : كان عدي بن حاتم قد حبس إبل الصدقة، يريد أن يبعث بها إلى أبي بكر إذا وجد فرجة، والزبرقان بن بدر مثل ذلك، فجعل قومهما يكلمونهما فيأبيان، وكان أحزم رأيا، وأفضل في الإسلام رغبة ممن فرّق الصدقة في قومه، فقالا لقومهما: لا تعجلوا فإنه إن قام قائم ألفاكم لم تفرّقوا الصدقة، وإن كان الذي تظنون فلعمري إن أموالكم بأيديكم فلا يغلبنّكم عليها أحد، فسكنوهم حتى أتاهم يقين خبر القوم. فلما اجتمع الناس على أبي بكر كان عديّ يأمر ابنه أن يسرح معهم الصدقة، فإذا كان المساء روّحها، وإنه جاء بها ليلة عشاء فضربه وقال: ألا عجلت بها، ثم راح بها الليلة الثانية فوق ذلك قليلا فجعل يضربه، وجعلوا يكلّمونه فيه، فلما كان اليوم الثالث قال: يا بنيّ إذا سرحتها فصح في أدبارها وأمّ بها المدينة، فإن لقيك لاق من قومك أو من غيرهم فقل نريد الكلأ، تعذّر علينا ما حولنا، فلما أن جاء الوقت الذي كان يروح فيه لم يأت الغلام، فجعل أبوه يتوقعه، ويقول لأصحابه: العجب لحبس ابني! فيقول بعضهم: نخرج يا أبا طريف فنتبعه، فيقول: لا والله، فلما أصبح تهيأ ليغدو، فقال قومه: نغدو