عمر، فكان سبب توجّه الحكم لعبد الله على طلحة. فوقف عثمان والناس معه رضي الله تعالى عنهم على الضفير، فقال: يا هؤلاء أخبرونا أكان هذا أيام عمر؟

قالوا: نعم، قال: فدعوه كما كان أيام عمر رضي الله تعالى عنه وانصرفا.

قال عبد الله: فجئت من فوري إلى علي رضي الله تعالى عنه فقصصت عليه القصة حتى بلغت إلى كلام معاوية، فضحك، ثم قال: أتدري لم أعانك معاوية؟

قلت: لا، قال: أعانك للمنافيّة، قم الآن إلى طلحة فقل له: إن الضفير لك فاصنع به ما بدا لك، فأتيته فأخبرته، فسرّ بذلك، ثم دعا بردائه ونعليه وقام معي حتى دخلنا على علي رضي الله تعالى عنهم، فرحّب به وقال: الضفير لك فاصنع به ما شئت، فقال: قد قبلت وإنما جئت شاكرا، ولي حاجة ولا بدّ من قضائها، فقال له علي رضي الله عنهما: سل حتى أقضيها لك. فقال طلحة: أحبّ أن تقبل الضيعة مني مع ما فيها من الغلمان والدواب والآلة، فقال عليّ: قد قبلت، قال:

ففرح طلحة وتعانقا وتفرّقنا.

قال عبد الله: فو الله ما أدري أيهما أكرم في ذلك المجلس: عليّ إذ جاد بالضفير، أم طلحة إذ جاد بالضيعة بعد ضنّه بمسنّاة. انتهى.

فوائد لغوية في خمس مسائل:

الأولى: في «الصحاح» (6: 230) الجريّ: الوكيل والرسول، يقال: جريّ بيّن الجراية والجراية. والجمع أجرياء، وقد جرّيت جريّا واستجريت، وأما الجريء المقدام فهو من باب الهمز.

الثانية: في «الغريبين» وكل فلان فلانا، أي وكل أمره إليه يستكفيه. وفي «الصحاح» (5: 1845) : وكّلته بأمر كذا توكيلا، والاسم: الوكالة والوكالة، قال الفارابي (3: 243) : بفتح الواو وكسرها.

وفي «الزاهر» (1: 99- 100) الوكيل: الكافي؛ قاله الفراء. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015