وفيه ثلاثة فصول
روى مالك رحمه الله تعالى في الموطأ (509) عن أمّ سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ فلعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حقّ أخيه فلا يأخذنّ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النّار.
فائدتان لغويتان:
الأولى: في «المشارق» (2: 189- 190) قضى في اللغة- على وجوه- مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه والانفصال منه، منها: قضى بمعنى ختم، ومنه:
ثُمَّ قَضى أَجَلًا (الأنعام: 2) أي: أتمه وختمه. ومنها: الأمر، كقوله تعالى:
وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (الإسراء: 23) أي: أمر، وبمعنى أعلم كقوله تعالى وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ (الإسراء: 4) أي أعلمناهم، وبمعنى فصل في الحكم، ومنه: يقضي بينهم، وقضى الحاكم. وبمعنى الفراغ، انقضى الشيء إذا تم، وقضى صلاته. وبمعنى أنفذ وأمضى كقوله: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ (طه: 72) وبمعنى الخروج من الشيء والانفصال منه، ومنه: قضى الدين أي خرج وانفصل منه. انتهى مختصرا.
وكل هذه الوجوه تحتمل أن يكون قولهم: قضى القاضي مشتقا منها.
وفي «المحكم» : القضاء: الحكم، قضى عليه يقضي قضاء.