لَسَيفٌ طَالمَا جَلا الكَرْبَ عَنْ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. وأُحِيطَ بِعَائِشَةَ، ودَخَلَ عليٌّ البَصْرةَ، َ فبَايَعَهُ أهْلُهَا، وأطْلَقَ عثمانَ بنَ حنيف، وجَهَّزَ عائشةَ، وأَخرَجَ أخَاهَا مُحَمَّداً مَعهَا، وشَيَّعَهَا عليٌّ بِنَفْسِهِ أمْيَالاً، وسرَّحَ بَنِيهِ مَعَهَا يَومَاً.
وقِيلَ: إنَّ عِدَّةَ المقْتُولِينَ مِنْ أصَحَابِ الجَمَلِ، ثمَانيَةَ آلافٍ؛ وقِيلَ: سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَاً. ومِنْ أصْحَابِ عليٍّ نَحْوَ أَلْفٍ.
* النص أعلاه نقله المصنف من كتاب «وفيات الأعيان» لابن خَلِّكان (3/ 18 - 19)، ووجدتُ النصَّ مسنداً إلى قوله: (أشد من عجيج الجمل)، والباقي لم أجده.
قال ابن جرير - رحمه الله -: حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا أبو مخنف، عن إسحاق بن راشد، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: (مشيت يوم الجمل، وبي سبع وثلاثون جراحة، من ضربة وطعنة، وما رأيت مثل يوم الجمل قط، ما ينهزم منا أحد، وما نحن إلا كالجبل الأسود، وما يأخذ بخطام الجمل أحد إلا قتل، فأخذه عبد الرحمن بن عتاب فقتل، فأخذه الأسود بن أبي البختري فصرع، وجئتُ فأخذتُ بالخطام فقالت عائشة: مَن أنت؟ قلت: عبد الله بن الزبير، قالت: واثكل أسماء!
ومَرَّ بيَ الأشترُ فعرفتُه، فعانقتُه، فسقطنا جميعاً وناديتُ: اقتلوني ومالكاً، فجاء ناس منَّا ومنهم، فقاتلوا عنَّا، حتى تحاجزنا، وضاع الخطام، ونادى عليٌّ: اعقِرُوا الجملَ؛ فإنه إنْ عُقر تفرقوا، فضربَهُ رجلٌ فسقط، فما سمعتُ صوتاً قَطُّ أشدَّ مِن عَجِيجِ الجَمَل).
[«تاريخ الأمم والملوك» لابن جرير الطبري (3/ 46 - 47)]