121 - قال المصنف - رحمه الله -[1/ 646 - 647]: قال ابن الزبير: أمسيتُ يومَ الجَمَل وفِيَّ سبعٌ وثلاثونَ جِرَاحَةً، مَا بَين طَعْنةِ رُمْحٍ، وضَربةِ سَيفٍ، ورَميةِ سَهْمٍ، قال: ولا ينهزم من الفريقين أحدٌ، وما أخذَ أحدٌ بخِطَام الجَمَلِ إلا قُتِل، فأخَذْتُ الخِطَام، فقالت عائشة - رضي الله تعالى عنها -: مَنْ أنت قلتُ: ابنُ الزبير. فقالتْ: وا ثكْلَ أسماءَ، ومرَّ بِي الأشترُ فعرفتُه، فاقتَتَلنا، فوَالله ما ضَربْتُه ضَربَةً إلا ضَربَنِي بها سِتَّاً أو سَبْعاً، فجَعَلْتُ أُنادي: اقتُلُوني ومَالِكَاً ... واقتُلُوا مَالِكَاً مَعِي، وضَاعَ الخِطَام مِنِّي، ثُمَّ أخَذَ مَالِكٌ بِرِجْلي؛ فرَمَانِي في الخَنْدَق، وقال: لوْلا قَرابتُك مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ما اجتَمَعَ مِنْكَ عُضْوٌ إلى عُضْوٍ أبَدَاً.
وفي رواية: فجاءَ أُنَاسٌ مِنَّا ومِنْهُم، وتَقَاتَلُوا حتَّى تحَاجَزْنَا، وضَاعَ مِنِّي الخِطَام، وسمِعْتُ عَلِياً - رضي الله عنه - يقولُ: اعقِرُوا الجَمَلَ، فإنَّه إنْ عُقِرَ؛ تفَرَّقُوا، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ، فسَقَطَ. فمَا سَمِعْتُ قَطُّ أشَدَّ مِنْ عَجِيجِ الجَمَلِ.
ثُمَّ أمَرَ عَليٌّ بحَمْلِ الهَوْدَجِ مِنْ بَينِ القَتْلَى، فاحتَمَلَهُ محمدُ بنُ أبي بكرٍ، وعمارُ بنُ ياسرٍ، فأدخلَ محمدُ بنُ أبي بكرٍ يدَهُ في الهَوْدَجِ، فقَالَتْ عائشةُ - رضي الله تعالى عنها -: مَنْ هَذا الذي يتَعَرَّضُ لحِرَمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أحرَقَهُ اللهُ بِالنَّارِ؛ فقالَ: يَا أُخْتَاهُ، قُولِي: بِنَارِ الدُّنْيَا؛ فقَالتْ: بنَارِ الدُّنْيَا.
وقُتِلَ طَلْحَةُ - رضي الله تعالى عنه - في الوَقْعَةِ، وكانَ مِنْ حِزْبِ عَائِشَةَ. ورَجَعَ الزُّبَير فقتَلَه عمرو بنُ جُرمُوز، بوَادِي السِّبَاعِ (?)، وهوَ نَائمٌ، وعَادَ بِسَيفِهِ إلى عَليٍّ، فلمَّا رَأَىهُ، قالَ: إنَّهُ