العوالم وخلق كلّ شيء بيده". لأن الذي أتقن العوالم هو الإله بالحقيقة كما لا إله بالتسمية والتجوز، وهذا الإله الحقيقي لم يتّحد بجسد المسيح بل ما اتّحد به إلاّ [أقنوم] واحد، ويسمَّى إلهاً على سبيل التجوز والاستعارة.

وإن زعموا أن كلّ واحد من الثلاثة الأقانيم إله كامل على الحقيقة إذا أفردوا، وأن الجميع إله واحد على الحقيقة إذا جمعوا، وبهذا القول يقولون فهذا في الدرجة العليا من الفساد والتهافت؛ وذلك أَنَّا نقول لهم: أيجوز خلو الإله عن الحياة والعلم؟ فإن جوَّزوا ذلك، قيل لهم: فإذا لا حاجة إلى الأقانيم إذ الإله مستغنٍ عنها.

وإن قالوا: لا بدَّ للإله من أن يكون حيّاً عالماً، فيقال لهم: إذا قلتم إنّ كلّ واحدٍ / (2/26/أ) من الأقانيم تسعة فيصير التثليث تتسيعا، إذ حياة كلّ واحد من الأقانيم الثلاثة وعلمه [أقنومان] له، ثم كلّ واحد من التسع الأقانيم إله حقيقة وإنما يصير إلهاً حقيقة إذا ثبت وجوده وحياته وعلمه، إذ لا يجوز خلو الإله عن الحياة والعلم وحينئذٍ يتسلسل القول إلى إثبات آلهة لا نهاية لها.

فهذا يلزم من يقول: إن كلّ واحد من الأقانيم الثلاثة له حياة وعلم.

وإن قالوا: لا يثبت هذا الوصف إلاّ لواحد منها، امتنع عليهم وصف الثاني والثالث بالألوهية حقيقة لم تقرر أن الإله يجب أن يكون حيّاً عالماً، وبطل عليهم القول بالثالوث على كلّ الوجوه1.

والله أعلم وأحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015