وإن زعمتم أن الجميع إله واحد وأن واحداً من الثلاثة ليس إلهاً على انفراده فقد تركتم القول بالتثليث وعبدتم إلهاً واحداً متركباً من ثلاثة أقانيم وهذا ترك لما انطوت عليه الأمانة في أنّ كلّ واحد من الأب والابن والروح القدس [إله مستقل] 1 بالألوهية. / (2/25/ب) وهدم لأصل النصرانية إذ لا خلاف بينهم أن اللاهوت اتّحد بالناسوت.
وإذا كان الإله عبارة عن الثلاثة الآب والابن والروح، فالأب والروح ما اتّحدا بالناسوت أصلاً، وإنما اتّحد به الابن الذي هو العلم أو النطق، فإذاً ما اتّحد الإله بل أحد الأقانيم الثلاثة، وذلك على تجرده لا يسمى إلهاً. وفي الأمانة: "إن المسيح إله حقّ وإنه أتقن العوالم بيد، وخلق كلّ شيء، وأنه نزل من السماء لخلاص الناس". وذلك مما يبطل هذا [الأقنوم] لأن الذي نزل إنما هو في زعمكم [أقنوم] الابن، فإذا كان الإله هو مجموع الثلاثة بطل أن يكون الابن هو خالق الأشياء ومتقن العوالم ومخلص الناس؛ إذ لا يوصف بذلك إلاّ الإله الذي هو مجموع الثلاثة القانيم وهي: الأب والابن والروح القدس.
وإن زعموا أنّ كلّ واحد من الثلاثة الأقانيم إله ومجموعها إله واحد، قلنا لهم: أتزعمون أنّ كلّ واحد من الثلاثة إله حقيقة أو على سبيل التجوز والتوسع وأن الإله الحقيقي هو مجموع الثلاثة؟.
فإن قالوا بهذا وصرفوه إلى مجرد التسمية دون الحقيقة تركوا القول بالثالوث وأثبتوا / إلهاً واحداً له صفات، ثم سَمُّوا صفاته آلهة تحكماً وتخرصاً بغير توقيف ولا دلالة، هدموا قول الأمانة: "إن المسيح إله حقّ"، وقالوا: بل هو إله تجوز. وأبطلوا عبادة المسيح حيث يقرأون في صلاتهم: تعالوا نسجد، تعالوا نتضرع للمسيح إلهنا، وردوا قول مشائخ الأمانة إذ يقولون: "المسيح إله حقّ، وإنه أتقن