وفي الإنجيل: "لا تصنعوا بِرّكم قُدَّام الناس لتراؤوا لهم فيحبط أجركم؛ لكن إذا صنعت رحمة فلا تُصوّت/ (2/9/ب) قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المحافل والأسواق لكي يحمدهم الناس"1.وذلك في كتبهم كثير. فلو كان خطاب إبراهيم للثلاثة بلفظ واحد يدل على التثليث؛ فهذه كتبهم تخاطب الجموع الكثيرة بلفظ الواحد فيلزم منه إفساد التثليث.

وأما قوله: "يا ربّ" فقد قدمنا أن لغة القوم تجيز ذلك، وأنهم يخطابون العظيم القدر الرفيع المنْزلة ولا يستنكر ذلك منهم، وقد قال زكريا عليه السلام: "قال لي الملك: ما تدري ما هذا؟ قلت: لا يا رب"2.

ورأى يوشع رجلاً في يده السيف مصلتاً؛ فذهب إليه فقال: "أَمِنَّا أنت أم من عدونا؟ "، فقال: أنا رئيس جند الله3. فسجد يوشع. وقال: أَيُّ شيء يقول الرّبّ لعبد؟ فقال: اخلع نعليك فإن الموضع الذي أنت فيه مقدس"4.

وهذا في كتب القوم كثير يخاطبون به أكابرهم وعظماءهم، ولما كان لفظ الرّبّ يطلقونه على غير الله تجوزاً وتوسعاً، احتاجوا إلى لفظ التأكيد والتكرار عند إرادة الرّبّ الحقيقي. فقيل لهم في التوراة والكتب العتيقة: "اعلموا / (2/10/أ) أن الله ربّكم وإلهكم وخالقكم ورازقكم". حتى يرتفع الاشتراك بين المجاز والحقيقة. وقال سبحانه في التوراة لبني إسرائيل: "اختنوا قلفة قلوبكم ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015