عنه بالشبه الذي قتلوه وصلبوه-دليل واضح (1/175/أ) على غلط النصارى فيما استنبطوه من المزامير بعقولهم واستخرجوه بأذهانهم.
فهذه عشرة أسئلة معدودة من معضلات أسئلتهم مضافة إلى ما قدمناه، غير أن هذه الأسئلة هي أساس كفرهم، وعليها عقدوا أمانتهم التي سنبيّن بعون الله فسادها وتناقض ألفاظها ومعارضتها للثالوث ومعارضة الثالوث لها.
وقد بيّن داود في المزمور التاسع عشر على ما ذهبنا إليه من خلاص المسيح من أعدائه اليهود، وأخبر أن الله تعالى حماه منهم وستره عنهم، فقال: "يستجيب لك الرّبّ في يوم شديد، ويرسل لك عوناً من قدسه يعضدك من الآن، عرف خلاص الله لمسيجه ومن سماء قدسه استجاب له"1. فقد شهد داود بأن الله خلّص المسيح.
وهذا المزمور مصدِّق لقول لوقا: "إن جبريل خبَّر عن الله أن المسيح يكون ملك بني إسرائيل". فأما مزمور "ثقبوا يدي"، فكذَّب بشارة جبريل، وما رَدَّ بشارة جبريل عن الله تعالى فهو مردود.
فإن قيل: فالمسيح صعد إلى السماء2 وهذا يدل على ربوبيته.
قلنا: هذا من أضعف ما يتمسك / (1/175/ب) به؛ إذ الملائكة تصعد السماء وليسوا آلهةً ولا أرباباً، وأخنوخ الذي هو إدريس قد صعد إلى السماء3 وهو عبد من عبيد الله. وكذلك إلياء وَدَّع تلميذه اليسع وصعد إلى السماء على فرس من نور4.