بجريرة ولا يعاقب على صغيرة ولا كبيرة. وإن كان أراد خلاصكم من أهوال القيامة وأنكال يوم الطامة وما يتوجه على العباد عند قيام الأشهاد، أكذبكم الإنجيل إذ يقول فيه: "إني جامع الناس في القيامة عن يميني وشمالي، فأقول لأهل اليمين: فعلتم خيراً فاذهبوا إلى النعيم، وأقول لأهل الشمال: فعلتم شرّاً فاذهبوا إلى الجحيم"1.
وإذا لم يحصل لكم بنزول المسيح خلاص من عقاب الدنيا ولا من عذاب الآخرة، فأين ترجون الخلاص الذي جاءكم لأجله وفعل بنفسه ما ذكرتم ثم لم يتم له مراد؟!.
وإذ كان ذلك فاطلبوا الخلاص ممن هو بيديه ومُعَوِّل سائر الخلائق عليه وهو الذي لا إله سواه سبحانه وتعالى عما يشركون.
4 سؤال: (1/158/أ) قال النصارى: إنما استسلم المسيح ليعلمنا الصبر على الشدائد فتعظم أجورنا وتجزل مثوباتنا، والمتابعة بالحال أبلغ منها بالمقال.
فنقول: فما بال أحدكم لا يجلس في بيته حتى يناله ما وصفتم غير منازع خصمه ولا مدافع عدّوه؟
وما بالكم تقيمون سوق الحروب وتبيحون الغصوب وتنصبون القتال وتسفكون الدماء من النساء والرجال؟ فما نرى التعليم أفادكم خيراً ولا منعكم شرّاً ولا أكسبكم عِلماً ولا أنالكم حِلماً، وصار ما وصفتم به ربكم من الإهانة خالياً عن الفائدة صفراً من الحكمة. وكيف يحسن منكم إيراد هذا السؤال مع قولكم عنه: إنه حين نزل به المكروه الذي وصفتم، قال: "إلَهي إن كان يمكن صرف هذا الكأس عني فاصرفه عني". وهذا القول منه إن صحّ عنه يكذبكم في قولكم: إنه استسلم وألقى بيديه لقصد تعليمكم وتقويمكم.