لندفع به الطعن عن مثل طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم ويكون ذلك مثالاً لغيره.

وهو أن المصيبة بعثمان رضي الله عنه كانت عظيمة. ولم يكن خطر ببال علي ولا غيره من الصحابة رضي الله عنهم أن يُقتل. ولكن ظنوا أن الخوارج الذين حاصروه أعتبوه في شيء وأن الأمر يؤدي إلى تسكين وسلامة. فلما وقع قتله بغتة كان منكراً مهولاً. ولم يكن في قتله بحمد الله أحد ممن ثبتت الصحبة له كما تقدم.

فأعجل الأمر الصحابة رضي الله عنهم عن القيام على قاتليه بغتة لشوكتهم حينئذ. ورأو المبادرة إلى نصب إمام يجمع الكلمة أولاً. ولم يكن بدّ من متابعة علي رضي الله عنه. لأنه حينئذ أفضل الموجودين بالاتفاق وأحقهم بالإمامة. لسابقته وفضله وشجاعته وغير ذلك. فاجتمعوا عليه وبايعوه وتخلف عنه أهل الشام فلم تجتمع الكلمة عليه ولا انتظم الأمر انتظاماً تاماً يتمكن به علياً رضي الله عنه من الإقادة بدم عثمان رضي الله عنه من قاتليه وقد انضموا إليه. فلو أقاد من أحدهم لتفرق1 بذلك قبائلهم كلها. وكثرت الفتن وزاد الهرج.

فرأى علي رضي الله عنه أن يؤخر ذلك إلى أن تجتمع الكلمة ويتمكن من إقامة الحق من غير فتنة. ورأى طلحة والزبير رضي الله عنهما ومن قام معهما أنهم قد وقعوا في أمر عظيم من خذلان عثمان رضي الله عنه والسكوت عنه إلى أن قتل. وأن ذلك لا يمحوه إلا القيام على قاتليه وطلب الإقادة منهم. ولم يكن عندهم ما رآه علي رضي الله عنه من خوف زيادة الفتنة من قبائلهم مانعاً من المبادرة إلى الطلب بدم عثمان.

فوقع ما قدره الله تعالى مع اجتهاد كل من الطائفتين ليقضي الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015