المسألة الثالثة: ((في تقرير عدالة الصحابة رضي الله عنهم)) .
والذي ذهب إليه جمهور السلف والخلف، أن العدالة ثابتة لجميع الصحابة رضي الله عنهم، وهي الأصل المستصحب فيهم، إلى أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد منهم لما يوجب الفسق مع علمه، وذلك مما لم يثبت صريحاً عن أحد منهم، بحمد الله فلا حاجة إلى البحث عن عدالة من ثبتت له الصحبة ولا الفحص عنها بخلاف من بعدهم.
وهذه المسألة عظيمة الجدوى، والحاجة إليها ماسة في أصول الدين وأصول الفقه جميعاً.
أما في أصول الدين: فبالنظر إلى الإمامة وشرايطها وبماذا تنعقد ومن يصح أن يكون إماماً، ومن الذي يعتبر قوله في الحل والعقد.
وأما في أصول الفقه: فلأن الصحابة نقلة الشريعة، ولم تصل إلى الأمة إلا من جميعهم، فمتى تطرق الطعن إلى أحد منهم حصل التشويش في أصول الشريعة ولم يبق بأيدينا والعياذ بالله متمسك بشيء منها وتوجهت المطاعن لأهل الزيغ والشبه في الدين، وأدى ذلك إلى الإنحلال بالكلية، كما سيأتي بيانه إن شاء الله، ولا محذور أصعب من هذا، ولذلك لا تجد المخالفين في هذه المسألة إلا شذوذاً لا يعتد بهم من أهل البدع ومن في قلبه مرض.
فمنهم من زعم أن حكمهم –أعني الصحابة- في العدالة كحكم غيرهم يجب البحث عنها ومعرفة ما في حق كل واحد منهم1.