وسابعها: أن يروي بعض صغار التابعين ومن ليس من أهل الميز منهم عن رجل مبهم ما يقتضي له صحبة، وهي أضعف المراتب وإن كان جماعة من الأئمة قبلوا مثل ذلك وأثبتوا حديثهم في مسانيد الصحابة والرواة عنهم كما وصفت.
وكان ذلك –والله أعلم – لقرينة صدق ذلك الجيل الذي هو خير القرون. وأن مثل هذه المرتبة الشريفة لم يدعها أحد في ذلك العصر كذباً، بخلاف الأعصار المتأخرة فقد رويت أحاديث عن جماعة ادعوا أنهم عُمروا وأن لهم صحبة. كما قد أولع كثير في هذه الأزمان بحديث رتن الهندي الذي ادعى الصحبة وأنه عاش إلى نحو الستمائة والخمسين. ولعله لا وجود له البتة. ووضعت عليه هذه الأحاديث.
وإن كان له وجود وقد ادعى مثل ذلك، فهو كذاب قطعاً لا يستريب أحد من علماء أهل الأثر في ذلك. وليس هذا موضع بسط الكلام فيه.
فأما في ذلك العصر الأول فيعز وجود من يدعي صحبة وهو فيها كاذب.
فهذا تقسيم بالغ في تحقيق مراتب ما تثبت به الصحبة، منّ الله به وله الحمد والمنة. ولم أر أحداً بسط الكلام في هذه المسألة مع قوة الحاجة الداعية إليها.
والله الموفق للصواب وله الحمد كثيراً لا نحصي ثناء عليه.