إلا بها لأن هذا شأن مصنفه، بخلاف أصحاب المسانيد والمعاجم فإنهم يخرجون أحاديثهم ويسكتون عنها غالباً. والاحتمال في هذه الصورة أقوى منه فيما تقدم إذا كانت عدالة المخبر بذلك معلومة. وهذا كله فيمن لم يتضمنه كتب التواريخ والسير بأنه صحابي, فأما إذا شهد له بالصحبة مثل البخاري أو مسلم، أو ابن أبي حاتم، أو ابن أبي خيثمة في كتبهم المصنفة وأمثالهم، فإن صحبته تثبت بذلك وإن كان سند حديثه غريباً أو فرداً ولا يعرف بغيره، كما أن من لم يرو عنه إلا راو واحد فهو محكوم عليه بالجهالة إلا أن يكون بعض أئمة الحديث قد وثقه، فإنه لا تلازم بين الجهالة وبين إنفراد الراوي عن الشيخ، فقد يكون معروفاً بالثقة والأمانة ولم يتفق أن يروى عنه إلا واحد، كذلك هذا يكون معروف اللقاء والصحبة اليسيرة بين أهل المغازي والسير وإن لن يرو ذلك إلا من جهة واحدة بأخباره عن نفسه.
فأما إذا أخبر التابعي أنه صحابي حالة الرواية، فهذا على أضرب:
أحدها: أن يقول أخبرني فلان أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا، مقتصراً على مثل ذلك فهذا حكمه ما تقدم في مدعي الصحبة.
وثانيهما: أن تثبت صحبته حال الرواية عنه، ويسميه باسمه، فإن كان مذكوراً بذلك في كتب المغازي والسير فحكمه ما تقدم. وأما إذا لم يكن معروفاً بالصحبة إلا من هذه الطريق فالظاهر الإعتماد على قول التابعي إذا كان ممن يعتمد قوله في مثل ذلك. على أنه يجوز أن يكون التابعي بنى ذلك على تصديقه في دعواه الصحبة وأن المسلمين محمولون على العدالة إلا في من ظهر منه ما يوجب الفسق، فاكتفى فيه بذلك