الأولى منهما: ما روي عن عطاء بن السائب أن عبد الله بن الزبير قال يوماً لأصحابه: أتدرون ما تأويل هذا الحديث..؟ من كذب علي متعمداً. فقالوا: لا علم لنا بذلك، فقال: إن رجلاً من المدينة عشق امرأة، فأتى أهلها فلم يزوجوه منها فلبس حلة وأتى أهلها وقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إليكم لكي أتضيف في أي بيت شئت من بيوتكم، وكان ينتظر أن ينام عندهم ... ليتصل بتلك المرأة، فأتى رجل منهم رسول الله فقال له: إن فلاناً يزعم أنك أمرته أن يبيت في أي بيوتنا شاء، فقال: كذب والله. ثم أرسل رجلاً وأمره أن يضرب عنقه إن تمكن منه ويحرقه في النار، فلما خرج دعاه رسول الله ونهاه عن إحراقه بعد قتله، لأنه لا يعذب في النار إلا رب النار.
ورويت هذه الحادثة عن طريق صالح بن حيان عن إبن بريده عن أبيه بتفاوت يسير لا يغير المعنى.
والدليل الثاني: رواه إبن سعد في الطبقات والطبراني، عن المنقع التيمي أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة إبلنا وقلت له: إن فيها ناقتين هدية لك، فأمر بعزل الهدية عن الصدقة، فمكث أياماً وخاض الناس أن رسول الله باعث خالد بن الوليد إلى رقيق مصر فمصدقهم. فقلت: والله ما عند أهلنا من مال، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن الناس خاضوا في كذا وكذا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه حتى نظرت إلى بياض إبطه، وقال: اللهم لا أحل لهم أن يكذبوا علي. قال المنقع فلم أحدث بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً نطق به كتاب أو جرت به سنة يكذب عليه في حياته فكيف بعد موته.
وقد نظرت في هذين الدليلين فلم أرهما على شرط المحدثين