فقد ذكرنا أنّ صنم «مولتان» كان خشبيّا وكذلك «لنك» الذي نصبه «رام» عند الفراغ من قتال الشياطين هو من رمل نضده بيده فتحّجرت استعجالا من أجل أنّ اختيار الوقت لنصبه كان سبق فراغ الفعلة من نحت الحجري الذي كان أمر به؛ فأمّا بناء بيته والرواق حوله وقطع الشجر من أجناس لها أربع واختيار الوقت لنصبه وإقامة الرسوم له فأمر يطول ويبرم، ثمّ أمر باقامة حدم وسدنة له من فرق شتّى، أمّا لصورة «بشن» ففرقة «بهاكبت» ولصورة الشمس فرقة «مك» أي المجوس ولصورة «مهاديو» فرقة «ابرار» «1» وهم زهّاد يطوّلون الشعور ويرمّدون الجلود، ويعلّقون عظام الموتى من أنفسهم ويسبحون في الغياض ولهشت ما ترين «البراهمة» ولبدّ «الشمنيّة» ولآرهنت» فرقة «تكن» «2» ، وبالجملة لكلّ صنم قوم صوّرته فإنّهم أهدى لخدمته، وكان الغرض في حكاية هذا الهذيان أن تعرف الصورة من صنمها إذا شوهد وليتحقّق ما قلنا من انّ هذه الأصنام منصوبة للعوامّ الذين سفلت مراتبهم وقصرت معارفهم فما عمل صنم قطّ باسم من علا المادّة فضلا عن الله تعالى وليعرف كيف يعبّد «3» السّفل بالتمويهات ولذلك قيل في كتاب «كيتا» : إن كثيرا من الناس يتقرّبون في مباغيهم إليّ بغيري ويتوسّلون بالصدقات والتسبيح والصلاة لسواي فاقوّيهم عليها واوفّقهم لها وأوصلهم إلى إرادتهم «4» لاستغنائي «4» عنهم، وقال فيه أيضا «باسديو» لأرجن: ألا ترى أنّ أكثر الطامعين يتصدّون في القرابين والخدمة أجناس الروحانيّين والشمس والقمر وسائر النيّرين فإذا لم يخيّب الله آمالهم لاستغنائه عنهم وزاد على سؤالهم وآتاهم ذلك من الوجه الذي قصدوه أقبلوا على عبادة مقصوديهم لقصور معرفتهم عنه وهو المتمّم لأمورهم على هذا الوجه من التوسيط ولا دوام لما نيل بالطمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015