أن يفني مثل الحرّار الذي يدير دوّارته بخشبة حتى يحتدّ دورانها ثمّ يتركها وليست تسكن مع إزالة الخشبة المديرة عنها وإنّما يفتر «1» حركتها قليلا قليلا إلى أنّ تبطل فكذلك البدن بعد ارتفاع الفعل يبقى فيه الأثر حتى ينصرف في الشدّة والراحة إلى انقطاع القوّة الطبيعية وفناء الأثر المتقدّم فيكون كمال الخلاص عند انجدال البدن، وأمّا في كتاب «پاتنجل» فالذي يشهد لمثل ما تقدّم قوله فيمن قبض حواسّه ومشاعره قبض السلحفاة اعضاءها عند الخوف: إنّه ليس بموثوق لأنّه حلّ الرباط ولا متخلّص لأنّ بدنه معه، والذي يخالفه من كلامه قوله: إنّ الأبدان شباك الأرواح لاستيفاء المكافاة والمنتهي الى درجة الخلاص. قد استوفاها في قالبه على ماضي الفعل ثمّ تعطّل عن الاكتساب للمستأنف فانحلّ عن الشبكة واستغنى عن القالب وتقلقل فيه غير مشتبك فهو قادر على الانتقال الى حيث أحبّ ومتى اراد لأعلى وجه الموت فإنّ الأجسام الكثيفة المتماسكة غير ممانعة لقالبه فكيف جسده لروحه؛ وإلى قريب من هذا يذهب الصوفيّة فقد حكى في كتبهم عن بعضهم: إنّه وردت علينا طائفة من الصوفيّة وجلسوا بالبعد عنّا وقام أحدهم يصلّي فلمّا فرغ التفت وقال لي يا شيخ تعرف هاهنا موضعا يصلح لأن نموت فيه؟ فظننت أنّه يريد النوم فأومأت إلى موضع وذهب وطرح نفسه على قفاه وسكن فقمت إليه وحرّكته وإذا أنّه قد برد، وقالوا في قول الله تعالى «إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ»

«2» : إنّه إن شاء طويت له وإن شاء مشى على الماء والهواء يقاومانه «3» فيه ولا تقاومه الجبال في القصد. وأمّا من تخلّف عن رتبة الخلاص مع اجتهاده فتختلف درجاتهم، وقيل في «سانك» : إنّ المقبل على الدنيا مع حسن السيرة الجواد بما يملك منها مكافى في الدنيا بنيل الأمانّي والإرادة والتردّد فيها على السعادة مغبوطا في البدن والنفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015