يزداد سيره أو ينقص حتى يتوهّم ذلك من بلوغ ذاته الى موضع كسوف القمر، وإن ذهب الى ذلك ذاهب بارتكاب فليخبر لماذا عملت الأدوار لمسيره ولم صحّت باستوائه، وإن تصوّر فيه الحيّة ذات الرأس والذنب فلم لا يكسف فيما هو أقلّ من ستّة بروج أو أكثر؟ وجسده هناك حاضر فيما بين رأسه وذنبه وهما به متّصلان، فلا يكسف شيئا من النيّرين ولا من كواكب المنازل الّا ان يكون رأسين متقابلين كاسفين، ولو كان كذلك ثمّ طلع القمر منكسفا بأحدهما وجب أن يغرب الشمس منكسفة بالآخر، وكذلك اذا غرب القمر منكسفا طلعت الشمس منكسفة، وليس من ذلك شيء موجود كذلك، فكسوف القمر على ما ذكره العلماء المؤيّدون من عند الله هو دخوله في الظلّ وكسوف الشمس هو ستر القمر ايّاها عنّا، ولهذا لا يكون بدور الكسوف في القمر من جانب المغرب ولا في الشمس من جانب المشرق، وقد يمتدّ من الأرض ظلّ مستطيل كامتداد ظلّ الشجرة مثلا، فإذا قلّ عرض القمر وهو في البرج السابع من الشمس ولم يكثر مقداره في شمال أو جنوب دخل ظلّ الأرض وانكسف به، ويكون أوّل المماسّة من جهة المشرق، وأمّا الشمس فإنّ القمر يأتيها من جهة المغرب فيسترها ستر قطعة من السحاب ايّاها، ويختلف مقدار الستر في البقاع، ولأنّ ساتر القمر عظيم فإنّ ضوءه يضمحلّ عند انكساف نصفه وساتر الشمس ليس بعظيم ولذلك يكون قويّ الشعاع مع الكسوف، وليس لذات الرأس في نفس الكسوفين مدخل، وعلى هذا اتّفاق العلماء في كتبهم؛ ولمّا فرغ «براهمهر» من صفة مائيّة الكسوفين بحسب علمه تألّم من الجاهلين بها فقال: ولكنّ العامّة يكثرون الشغب في نسبة الكسوف الى الرأس ويقولون لولا ظهور الرأس وتولّيه الكسوف لما اغتسلت البراهمة حينئذ غسل وجوب، قال براهمهر: وسبب ذلك أنّ الرأس لمّا تضرّع عند الحزّ «1» قسم له «براهم» حصّة من قربان البراهمة للنار وقت الكسوف، فهو يقرب من موضع