تفسير «برهماند» هو بيضة «براهم» وتقع بالحقيقة على كلّ الأثير من جهة استدارته وشكل حركته بل على كلّ العالم من جهة انقسامه إلى الأعلى والأسفل، وهم إذا عدّوا السماوات قالوا: إنّ جملتها «برهماند» وهؤلاء ممّن عدموا الرياضة بعلم الهيئة ولم يتصوّروها حقّ التصوّر فلا يرون للسماوات غير السكون وخاصة لأنهم يجعلونها قرار الطوائف يظنّون بها النقل والاعتماد نحو السفل إذا وصفوا نعيم الجنّة بشبه المشاهد في الدنيا على الأرض، وفي مرموزاتهم الخبريّة: إنّ الماء كان قبل كلّ شيء وموضع العالم ممتلئ به، ولا محالة أنّ ذلك في أوّل نهار النفس وابتداء التصوّر والتركيب، قالوا: وإن الماء أزبد بالتموّج فبرز منه شيء أبيض خلق البارئ منه بيضة «براهم» فمنهم من يقول: إنّها انفلقت وخرج منها براهم وصار السماء من أحد نصفيها والأرض من الآخر والأمطار من كسيرات ما بينهما، ولو قالوا الجبال لكانت أليق بها من الأمطار وأشبه، ومنهم من يقول إنّ الله تعالى قال لبراهم: إنّي خالق بيضة أجعلها لسكناك فيه، وخلقها من زبد الماء المذكور فلمّا نضب وغاض كسر البيضة حينئذ بنصفين؛ وإلى قريب منه ذهب اليونانيون في «اسقليبيوس» «1» المستنبط لصناعة الطبّ فانّهم على ما ذكر «جالينوس» إذا صوّروه