رب يسر وأعن يا كريم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه الصفحات التي بين يديك - أخي القارئ- تتحدث عن القرآن وقيمته العظيمة، وكيفية الانتفاع به ليحدث الوصال الحقيقي بين القلب والقرآن فيتغير تبعًا لذلك الفرد ومن ثمَّ الأمة كما حدث مع الجيل الأول.

ولعلك - أخي القارئ - تتساءل عن السبب الذي يدفع كاتب هذه السطور لكثرة الحديث عن القرآن في عدة كتابات سابقة حتى أصبح هذا الحديث هو القاسم المشترك في كُتبه الأخيرة!!

بالفعل هناك دوافع تسوقني إلى كثرة الحديث عن القرآن وعدم الملل من ذلك، وأعترف بأنني قد أكرر بعض المعاني والأفكار في هذه الكتابات.

ومن أهم هذه الدوافع هو ذلك الواقع المرير الذي تحياه أمتنا، واحتياجها الماس إلى مشروع ينهض بها، ويعيدها إلى سيرتها الأولى.

ولقد أكرمنا الله عز وجل وتفضل علينا بما لا نستحقه، وأرانا كيف يمكن أن يكون القرآن هو ذلك المشروع.

فالقرآن كنز عظيم فيه كل ما يحتاجه الفرد ليصبح كما يحب الله ويرضى، وفيه كل ما تحتاجه الأمة للخروج من النفق المظلم الذي تسير فيه، والنهوض من كَبْوتها التي طالت وطالت ..

إن القرآن يصلح تمامًا لأن يكون بمثابة مشروع لنهضة الأمة جمعاء، فهو كالشمس يسع الجميع، مع الأخذ في الاعتبار أن الشمس لا تؤثر إلا فيمن يتعرض لها، كذلك القرآن لا ينتفع به إلا من يحسن التعرض له، بل ويزيد القرآن على شمس الدنيا، بأن نوره لا يأفل وشمسه لا تغيب عن أي زمان أو مكان ...

ومع تيسُّر القرآن للجميع إلا أن غالبية الأمة - إلا من رحم ربي - قد أعرضت عنه كمصدر متفرد لتوليد الإيمان وتقويم السلوك، واكتفت منه بتحصيل الأجر والثواب المترتب على تلاوته وحفظه.

من هنا برزت أهمية التنبيه على الجانب العظيم المهجور في القرآن، والذي قد لا ينتبه إليه الكثيرون ممن يتعاملون معه، لذلك أكثرت -بفضل الله وعونه- من الكتابات التي تتحدث عن أهمية القرآن وكيفية الانتفاع الحقيقي به، لعل كتابا من هذه الكتب يقع بين يديْ من يبحث عن الصلاح الحقيقي لقلبه، والعلو والرفعة لأمته.

فإن كنت - أخي القارئ- من هؤلاء، ولا أشك في ذلك، فأوصيك بالدعاء لكاتب هذه السطور بالمغفرة والرحمة وحسن الخاتمة، والدعاء كذلك للأمة بعودة أبنائها إلى القرآن، وحُسن الانتفاع به.

والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله {سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32].

كتبه العبد العاجز الفقير

إلى عفو ربه ورحمته وتوفيقه

مجدي الهلالي

www.صلى الله عليه وسلمlemanawalan.com

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015