ثمَّ إِن الَّذِي احْتج بِهِ الإِمَام فَخر الدّين على أَنه لَا يدل عَلَيْهِ فِي الْعُقُود يرد عَلَيْهِ فِي الْعِبَادَات بِأَن يُقَال لَو دلّ النَّهْي على عدم إجزائها فإمَّا أَن يدل عَلَيْهِ بِلَفْظِهِ أَو بِمَعْنَاهُ وكل مِنْهُمَا بَاطِل وَلَا استبعاد فِي أَن يَقُول الشَّارِع مثلا نهيتك عَن الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة وَإِن فعلتها أَجْزَأت عَنْك وَصحت وَعَن الصَّوْم يَوْم النَّحْر وَإِن صمت فِيهِ صَحَّ وَكَذَلِكَ النَّقْض أَيْضا بِالْعُقُودِ الْمنْهِي عَنْهَا وَهِي صَحِيحَة رد مثله فِي الْعِبَادَات كالضوء بِالْمَاءِ الْمَغْصُوب وَالصَّلَاة فِي الثَّوْب الْحَرِير وأمثالهما فَمَا يكون جَوَابا لَهُ عَن ذَلِك يُجَاب بِهِ أَيْضا فِي الْمُعَامَلَات
وَنحن قد طردنا القَوْل فِي الْبَابَيْنِ فَسَادًا وَصِحَّة وفرقنا بَين مَا يَقْتَضِي الْفساد مِنْهُمَا وَمَا لَا يَقْتَضِيهِ فَإِن جنح إِلَى الْفرق الْمُتَقَدّم بَين الْمَوْضِعَيْنِ فِي تَفْسِير الْفساد أَعنِي بَين الْعِبَادَات والعقود أُجِيب بِمَا تقدم من تَفْسِير الْفساد بِمَعْنى كلي يشملهما
وَقَوْلهمْ إِن النَّهْي لَا يُنَافِي إِفَادَة الْملك وَصِحَّة التَّصَرُّف مَمْنُوع بِمَا تقدم من الْأَدِلَّة الدَّالَّة على تنافيهما وَإِن سلم أَنه لَا يُنَافِي ذَلِك قطعا فَهُوَ يُنَافِيهِ ظَاهرا وَذَلِكَ كَاف على مَا تقدم غير مرّة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق