فَالْجَوَاب الصَّحِيح عَن ذَلِك كُله مَا سبقت الْإِشَارَة إِلَيْهِ غير مرّة وَهُوَ أَن النَّهْي فِي هَذِه جَمِيعهَا لَيْسَ لعين الْمنْهِي عَنهُ وَلَا لوصفه اللَّازِم بل لغيره المجاور لَهُ وَلَا يَقْتَضِي النَّهْي فِي هَذَا الْقسم الْفساد كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيق ذَلِك وَبَيَان الْفرق بَين المقامين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالْمُدَّعى الَّذِي استدللنا عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ القسمان الْأَوَّلَانِ فَلَا يرد النَّقْض بِغَيْرِهِمَا فَإِن قيل لَا فرق قُلْنَا سنبين ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأما من فرق بَين الْعِبَادَات والمعاملات فقد احْتج الإِمَام الْغَزالِيّ بِمَا تقدم أَن النَّهْي يضاد كَون الْمنْهِي عَنهُ قربَة وَطَاعَة وَالْأَمر وَالنَّهْي يتضادان فَلَا يكون الْمنْهِي عَنهُ قربَة وَلَا امتثالا فَيدل النَّهْي فِي الْعِبَادَات على الْفساد بِخِلَاف الْعُقُود إِذْ لَا تضَاد بَين تَحْرِيم الْعُقُود وَبَين جعلهَا سَببا للْملك وَالتَّصَرُّف كَمَا تقدم فَلم يكن دَالا على الْفساد
وَحَاصِل ذَلِك أَن النَّهْي إِنَّمَا يدل على الزّجر فَقَط وَذَلِكَ من خطاب التَّكْلِيف وَأما الصِّحَّة وَالْفساد فهما من خطاب الْوَضع وَلَا إِشْعَار لَهُ بهما
وَهَذَا الدَّلِيل هُوَ عين الْمُدعى لأَنا نقُول النَّهْي دَال على الزّجر وَالْفساد جَمِيعًا وَقد دللنا عَلَيْهِ بِمَا تقدم وَإِن كَانَت دلَالَته على الْفساد بطرِيق الاستلزام فَذَلِك كَاف فِي الْمَطْلُوب