بِأَن صَوْم يَوْم الْعِيد وَأَيَّام التَّشْرِيق مَنْهِيّ عَنهُ وَالنَّهْي لَا يَقع عَمَّا لَا يتكون وقرروا هَذَا الْكَلَام بِوَجْهَيْنِ

أَحدهمَا أَن الأَصْل فِي أَلْفَاظ الشَّارِع تنزيلها على عرفه وَعرف الشَّارِع فِي النَّهْي عَن الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْبيع وَنَحْو ذَلِك إِنَّمَا هُوَ الْمُعْتَبر شرعا فَلَو لم يكن التَّصَرُّف الْمنْهِي عَنهُ كَذَلِك لَكَانَ الْمنْهِي عَنهُ غير الْأَمر الشَّرْعِيّ وَهُوَ مُمْتَنع

وَثَانِيهمَا أَن النَّهْي عَن غير الْمَقْدُور قَبِيح وعبث بِدَلِيل أَنه يقبح أَن يُقَال للأعمى لَا تبصر وللزمن لَا تمش لكَونه غير مُتَصَوّر مِنْهُ فَيكون النَّهْي عَن غير المتصور قبيحا وعبثا وَهُوَ غير جَائِز على الْحَكِيم فَيلْزم أَن يكون الْمنْهِي عَنهُ مُتَصَوّر الْوُقُوع وَيلْزم من ذَلِك صِحَّته

وَالْجَوَاب عَن الْمَذْكُور أَولا أَن الشَّرْعِيّ لَيْسَ مَعْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَبر فِي نظر الشَّرْع فَإِن الشَّرْعِيّ قد يكون صَحِيحا وَقد يكون فَاسِدا وَالدَّلِيل على أَن الشَّرْعِيّ الْمنْهِي عَنهُ لَيْسَ هُوَ الصَّحِيح الْمُعْتَبر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للحائض دعِي الصَّلَاة أَيَّام أَقْرَائِك فَإِن الصَّلَاة الْمنْهِي عَنْهَا هِيَ الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة لِأَن اللُّغَوِيَّة لَا ينْهَى عَنْهَا وَهَذِه الصَّلَاة الْمَأْمُور بِتَرْكِهَا فَاسِدَة غير مُعْتَبرَة فِي نظر الشَّرْع وَأَيْضًا لَو كَانَ المُرَاد بِالنَّهْي الشَّرْعِيّ الَّذِي يعْتَبر مَعْنَاهُ بِحَسب عرف الشَّرْع لزم دُخُول الْوضُوء وَغَيره فِي الشَّرَائِط فِي مُسَمّى الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة لِأَن كَونهَا شَرْعِيَّة إِنَّمَا يتَحَقَّق عِنْد اجْتِمَاع شرائطها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015