تخلف الصِّحَّة مَعَ وجود النَّهْي على خلاف مُقْتَضى الدَّلِيل وَلَا ريب أَن ذَلِك على خلاف الأَصْل سَوَاء كَانَ لمعارض أَو لَا لمعارض بل نقُول الأَصْل عدم الْمعَارض وان أبدي إِجْمَاع فِي هَذِه الصُّور فَالظَّاهِر أَنه مُسْتَند إِلَى النَّهْي إِذْ لَا إِجْمَاع إِلَّا عَن مُسْتَند وَلم يزل الْعلمَاء يستدلون على الْفساد بِالنَّهْي عَنْهَا كَمَا تقدم فَتكون هَذِه المناهي مُسْتَند الْإِجْمَاع
وَلَا يرد على ذَلِك الْمَوَاضِع الَّتِي حكم فِيهَا بِالصِّحَّةِ مَعَ النَّهْي عَنْهَا لأَنا نقُول لَيْسَ شَيْء من ذَلِك مَنْهِيّا عَنهُ لعَينه وَلَا لوصفه اللَّازِم بل كلهَا من الْمنْهِي عَنهُ لأمر خارجي جاوره وكلامنا فِي الْقسمَيْنِ الْأَوَّلين فالنقض إِنَّمَا يرد على الْمَالِكِيَّة فِي إثباتهم شُبْهَة الصِّحَّة فِي بعض الصُّور كَمَا تقدم
فَإِن قيل قد الصِّحَّة أثبتم فِيمَا إِذا أحرم مجامعا مَعَ ارتكابه الْمنْهِي عَنهُ قُلْنَا هُوَ وَجه مَرْجُوح لبَعض الْأَصْحَاب وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلنَا وَجْهَان آخرَانِ أَحدهمَا أَنه لَا ينْعَقد إِحْرَامه أصلا كَمَا لَا تَنْعَقِد الصَّلَاة مَعَ الْحَدث وَهَذَا هُوَ الْأَصَح
وَالثَّانِي أَنه ينْعَقد فَاسِدا كَمَا لَو جَامع بعد انْعِقَاد الْإِحْرَام فَإِنَّهُ يفْسد إِحْرَامه وَيجب عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة والمضي فِي إتْمَام هَذَا الْفَاسِد وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِي ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَاحْتج مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن النَّهْي يَقْتَضِي الصِّحَّة