الْخلاف من مثل الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل وَأصبغ بن الْفرج وَعبد الْملك بن حبيب من الْمَالِكِيَّة
وَقد قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ عزي الْمَنْقُول عَن أَحْمد إِلَى طوائف من سلف الْفُقَهَاء وَقيل هُوَ رِوَايَة عَن مَالك وَلَا ريب فِي أَن الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله من أعلم الْفُقَهَاء بِالْإِجْمَاع وَالِاخْتِلَاف وَأَكْثَرهم إطلاعا على الْآثَار المنقولة عَن السّلف فَكيف يخفى عَلَيْهِ مثل هَذَا
وَقَول فَخر الدّين الْمُتَقَدّم أَجمعُوا على أَن الظلمَة لَا يؤمرون بِقَضَاء الصَّلَوَات فِيهِ خلل ظَاهر فَإِن الَّذِي ادَّعَاهُ من نقل الْإِجْمَاع واستروح إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ عدم أَمر الْأَئِمَّة من السّلف للظلمة لَا النَّقْل عَنْهُم كلهم أَن الظلمَة لَا يؤمرون وَفرق بَين المقامين
ثمَّ إِن الْإِجْمَاع عِنْد فَخر الدّين دَلِيل ظَنِّي وَمَا ذكره من الْأَدِلَّة الَّتِي سبق ذكرهَا قَطْعِيَّة على زَعمه فَكيف يُعَارض الظني الْقطعِي حَتَّى يحْتَاج إِلَى الْجمع بَينهمَا
وَقَوْلهمْ إِن الْفَرْض يسْقط عِنْدهَا لَا بهَا لَا يخفى ضعفه وخصوصا فِي مُقَابلَة مَا أَدْعُوهُ من الْقَاطِع فَإِن سُقُوط الْفَرْض الْمعِين منحصر فِي أَدَائِهِ على الْوَجْه الَّذِي أَمر بِهِ أَو تعذره من الْمُكَلف بِخُرُوجِهِ عَن أَهْلِيَّة التَّكْلِيف وَنَحْو ذَلِك أَو بالنسخ عَنهُ والأخيران منتفيان هُنَا فَتعين أَن يكون السُّقُوط للمعنى الأول وَهَذَا الْقدر كَاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وفيهَا مبَاحث طَوِيلَة وتشكيكات كَثِيرَة على الْأَدِلَّة من الطَّرِيقَيْنِ لَا فَائِدَة فِي ذكرهَا لِئَلَّا يطول الْكَلَام
وَقد ذكر الْأَصْفَهَانِي شَارِح الْمَحْصُول مَسْأَلَة ترد نقضا على الْقَائِلين