محصورة فالمصير إِلَى سُقُوط التَّكْلِيف من مُتَمَكن من الِامْتِثَال ابْتِدَاء ودواما بِسَبَب مَعْصِيّة لَابسهَا لَا أصل لَهُ فِي الشَّرِيعَة
وَالَّذِي يتَحَصَّل من كَلَامهم فِي رد هَذِه الطَّرِيقَة وُجُوه أرجحها
منع وجود الْإِجْمَاع الْمَذْكُور وَإِن كَانَ قد احْتج بِهِ جمَاعَة من الْأَئِمَّة كالغزالي وَمن بعده حَتَّى قَالَ الْغَزالِيّ رَحمَه الله وَغَيره أَن من قَالَ بِأَن الْفَرْض لم يسْقط بِالصَّلَاةِ فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة لمحجوج بِالْإِجْمَاع وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ذكر لِأَن الْإِجْمَاع لم ينْقل عَن الْمُتَقَدِّمين لفظا عَنْهُم بل غَايَة مَا قَالَ القَاضِي أَبُو بكر لم يَأْمر أَئِمَّة السّلف الظلمَة بِإِعَادَة الصَّلَوَات الَّتِي أقاموها فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة
وَحَاصِل هَذَا إِثْبَات الْإِجْمَاع بِعَدَمِ النَّقْل وَقد علم أَن عدم الوجدان لَا يلْزم مِنْهُ عدم الْوُجُود فَلَا يثبت ادِّعَاء الْإِجْمَاع حَتَّى يثبت النَّقْل بِأَن الظلمَة غصبوا أراض مُعينَة غصبا محققا ثمَّ كَانُوا يصلونَ فِيهَا وَالْعُلَمَاء من الصَّحَابَة الْمُتَأَخِّرين وَمن بعدهمْ من التَّابِعين يشاهدونهم وَلَا يأمرونهم بِالْإِعَادَةِ مَعَ قدرتهم على الْإِنْكَار عَلَيْهِم ثمَّ شاع ذَلِك وَاسْتمرّ الْعَمَل بِهِ فِي الْأَمْصَار كلهَا حَتَّى انْعَقَد الْإِجْمَاع عَلَيْهِ وكل هَذِه الْمُقدمَات لَا يُمكن ثُبُوت شَيْء مِنْهَا بل الظَّاهِر خلَافهَا وان ذَلِك لم يتَّفق فِي عصر الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَلَو اتّفق من وَاحِد من وُلَاة بني أُميَّة لأمكن أَن يخفى عَلَيْهِم وَلَو قدر أَن لَا يخفى عَنْهُم لأمكن أَن ينكروا ذَلِك وَيخْفى عَنَّا لِأَن الظَّاهِر من حَالهم أَنهم لَا يقرونَ عَن الْمُنكر وَقد كَانُوا يُنكرُونَ أقل من هَذَا وَكَيف يَدعِي الْإِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة وفيهَا