توضيحُه: أن الخيطَ الأَبيضَ وهو أَوّلُ ما يبدو من الفَجْرِ المُعْترضِ في الأُفق كالخيطِ الممدود، والخيطَ الأسودَ وهو ما يمتدُّ معه من غسق الليل -شُبّها بخَيْطين: أبيضَ، وأسودَ، وبُيِّنا بقوله {مِنَ الْفَجْرِ}؛ والفَجْرُ -وإنْ كان بيانًا للخيط الأبيض- لكن لَمَّا كان بيانُ أحدهما بيانَ الآخر لدلالته عليه اكتفى به عنه، ولولا البيان لكانا من باب الاستعارةِ؛ كما أن قولك: (رأيتُ أسدًا) استعارةٌ؛ فإذا زدت (?) من فلان صار تشبيهًا. وأمّا أنَّه لِمَ زيد (من الفجر) حتَّى صار تشبيهًا وهلَّا اقتصر به على الاستعارةِ التي هي أبلغُ؛ فلأن شرطَ الاستعارةِ أن يدُلٌ عليه الحالُ، ولو لم يذكر من الفجرِ لم يُعلم أن الخيطين مُسْتعاران فَزيدَ (الفجر) وصَارَ (?) تَشْبيهًا.
وقد يُتركُ وجهُ التشبيه إذا عُلم بالقرائنِ؛ استغناءً (?) عن ذكرهِ، وفيه قُوَّةٌ ومبالغةٌ لإِفَادتِه (?) تعميم المُشَابهة (?).