أنه جسم حادث مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس وهو جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد والدهن في الزيتون والنار في الفحم فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي هذا الجسم اللطيف متشابكا لهذه (1) الأعضاء وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة والإدارة وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها وخرجت عن قبول الآثار فارق الروح البدن وانفصل بأمر الله تعالى إلى عالم الأرواح قال الله تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي} "
وإن أردت استقصاء أبحاثها فعليك بكتاب " الروح " فإنه يهب لك روحا وينيلك فيما ترجوا نجحا وإن شئت أن ترد قالا وقيلا فتذكر قوله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
[هذا] وأصخ بفكرك نحو ما قلته وتدبر جميع ما زبرته وتأمله تأمل طالب للحق غير كاتم للقول الصدق ولا تنظر بعين الحاسد فتلفى لضوء الشمس جاحد (2) إذ لم يبق والفضل لله سبحانه مجال لإنكار المكابرين ولا حجة بعد هذا للمعاندين وغير المطلعين
فلنكتف بهذا المقدار لئلا يطول الكتاب على ذوي الأنظار ويكفي لكل ذي رأي سديد من القلادة ما أحاط بالجيد ولا سيما وقد تكفلت