لبناتهم ثم ضع يده على صدره وقال: اللهم طهر قلبه واغفر ذنبه وحصن فرجه. فلم يكن بعد ذلك شيء أبغض إليه من الزنى. ووعظ المأمون واعظ فعنف عليه. فقال يا رجل ارفق. قد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني فأمره بالرفق فقال جل من قائل: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} وحكى حماد بن سلمة أن صلة بن أشيم مر عليه رجل قد أسبل عليه إزاره فهم أصحابه أن يأخذوه بشدة فقال: دعوني أنا أكفيكم إياه. فقال: يا ابن أخي إن لي إليك حاجة. فقال لأصحابه لو أخذتموه بشدة لقال لا ولا كرامة ولشتمكم. هذا إذا لم يخف مع سلوك الترفق فوات التغيير أو طهور الإهانة والإزدراء بالمقدم على ذلك ويكون رفقه غير مانع لذلك فهذا يلزم المغير تغييره بما أمكن من العنف المقيد للإزالة أما إن كان غير مقيد لإثارة منكر أعظم من المنكر المغير فحكمه على ما سلف في الباب الثاني.
الباب الخامس
في مراتب التغيير
وأما مراتب التغيير فعلى خمسة أنواع: النوع الأول: مجرد التنبيه والتذكير وذلك فيمن يعلم أنه يزيل فساد ما وقع لصدور ذلك على غرة وجهالة كما قع من العاصي الجاهل بدقائق الفساد في البيوع ومسالك الربى التي يعلم خفاؤها عنه وكذلك ما يصدر منه من عدم القيام بأركان الصلوات وشروط العبادات فهذا ومن شاكله ممن له معذرة في الغفلة والجهالة ينبهون بطريق التلطف ويعلمون بمسالك الرفق والاستمالة ليتم قبولهم لذلك بنشاط واستبشار فيلقونه بألفهم الحلي عن الكلفة المسرع بحصول الفائدة كما ذكر في "كتاب تنبيه الحكام" على مئاخذ الأحكام حكاية في المعنى. قال: أخبرني شيخنا الفقيه القاضي أبو عبد الله المشتهر بابن أبي درقة رحمه الله قال: كنت مرة في غرة الشباب ومبادي الطلب تشاغلت عن إحدى صلاتي النهار إلى أن شارفت الفوات فأتيت عجلًا إلى بعض المساجد واعتمدت بعض زواياه فصليتها مبادرًا ومتجاوزًا في بعض أركانها وإذا بعض الشيوخ الفضلاء يسارقني النظر بحيث لم أشعر به فلما أتممت صلاتي وهممت بالانصراف استدعاني فأتيته