يكون رديئا ومعلولا كَمَا يكون صَحِيحا وَكَذَلِكَ يعرض لَهُ الْقَيْء والغثيان ويجتذب أخلاط بدنه وَتعرض لَهُ الآلام والأوجاع والآفات الَّتِي لم تعرض لَهُ فِي الْبَطن وَقد كَانَ عَلَيْهِ من الأغشية والحجب مَا يمْنَع وُصُول الْأَذَى اليه فَلَمَّا ولد هيىء لَهُ أغشية وحجب أخر لم يكن يألفها ويعتادها وَرُبمَا صحى للْحرّ وَالْبرد والهواء وَكَانَ يجتذبه من سرته وَهُوَ ألطف شَيْء معتدل صَحِيح قد يَصح قلب الْأُم وعروقها الضوارب فَهُوَ شَبيه بِمَا يجتذبه من هُوَ دَاخل الْحمام من الْهَوَاء اللَّطِيف المعتدل ثمَّ يخرج مِنْهُ وهلة وَاحِدَة عُريَانا إِلَى الْهَوَاء العاصف المؤذي
وَبِالْجُمْلَةِ فقد انْتقل عَن مألوفه وَمَا اعتاده وهلة وَاحِدَة إِلَى مَا هُوَ أَشد عَلَيْهِ مِنْهُ وأصعب وَهَذَا من تَمام حِكْمَة الخلاق الْعَلِيم ليمرن عَبده على مُفَارقَة عوائده ومألوفاته إِلَى مَا هُوَ أفضل مِنْهَا وأنفع وأوفق لَهُ وَقد أَشَارَ تَعَالَى إِلَى هَذَا بقوله {لتركبن طبقًا عَن طبق} الانشقاق 19 أَي حَالا بعد حَال فَأول أطباقة كَونه نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ جَنِينا ثمَّ مولودا ثمَّ رضيعا ثمَّ فطميا ثمَّ صَحِيحا أَو مَرِيضا غَنِيا أَو فَقِيرا معافى أَو مبتلى إِلَى جَمِيع أَحْوَال الْإِنْسَان الْمُخْتَلفَة عَلَيْهِ إِلَى أَن يَمُوت ثمَّ يبْعَث ثمَّ يُوقف بَين يَدي الله تَعَالَى ثمَّ يصير إِلَى الْجنَّة أَو النَّار فَالْمَعْنى لتركبن حَالا بعد حَال ومنزلا بعد منزل وأمرا بعد أَمر