والعقلية والطبيعية غير منضبطتين, لاختلافهما باختلاف الأفهام والطباع فاختص النظر بالوضعية وهي: كون اللفظ بحيث إذا أورده الحس على النفس التفتت إلى معناه للعلم بالوضع.
ثم الوضعية: إما مطابقة, أو تضمن, أو التزام؛ لأن ما يدل عليه اللفظ بطريق الوضع, إما تمام المعنى الموضوع له, أو جزؤه, أو خارج عنه.
والأول: مطابقة؛ لتطابق اللفظ والمعنى.
والثاني: تضمن؛ لأنه في ضمن المعنى الموضوع له.
والثالث: التزام؛ لأنه خارج عن المعنى الموضوع له ولازم له.
وقيد في الثلاثة بقولنا: من حيث هو كذلك؛ لأن اللفظ يكون مشتركًا بين الكل والجزء, كالإمكان المشترك بين مفهومه العام والخاص, ويكون مشتركًا بين الملزوم واللازم, كالشمس للجرم والنور, فلم يقيد حد دلالة المطابقة لانتقض بدلالة التضمن والالتزام؛ لأنه إذا أطلق الإمكان وأريد مفهومه الخاص, دل على الإمكان العام تضمنًا, مع أنه يصدق أنه دلالة اللفظ على تمام مسماه, وعند التقييد لا انتقاض؛ لأنها ليست من حيث إنه وضع له, وإذا أطلق لفظ الشمس وأريد الجرم, دل على النور التزامًا, مع أنه تمام ما وضع له, ولا انتقاض عند التقييد؛ لأن تلك الدلالة ليست من حيث هو موضوع له, بل من حيث هو لازم, وكذا لو لم يقيد في الدلالتين لانتفضتا بالمطابقة؛ لأن لفظ الإمكان إذا أريد منه الإمكان العام, دل مطابقة مع أنه جزء ما وضع له, ولا نقض عند التقييد؛ لأنها ليست من حيث هو جزؤه, وكذلك إذا أريد من لفظ الشمس الضوء الدلالة مطابقية وهو لازم