قلت: والأظهر أن النزاع لفظي, فإنه يلزم من رفع الجزء أو الشرط رفع الكل, لا رفع كل واحد, وإلا لاحتيج في الباقي إلى تجدد وجوب, فمن قال إنه نسخ للعبادة, إن أراد أنه يرتفع المجموع من حيث هو مجموع بارتفاع الجزء أو الشرط, وإذا ارتفع المجموع - الذي هو العبادة - صدق أنها نسخت فمسلم ولا يخالف الآخر, وإن أراد أنه نسخ للباقي فمعلوم أنه لا يلزم من رفع جزء رفع جميع الأجزاء.
احتج للمختار: بأنه لو كان نسخًا للباقي إذا نقص الجزء, أو نسخًا للمشروط إذا نقص الشرط, لافتقر الباقي في وجوبه إلى دليل غير الأول, أما الملازمة؛ فلأن الوجوب السابق قد ارتفع, فالوجوب الثاني لابد له من دليل لأنه حكم شرعي, فلابد له من دليل.
وأما بطلان الثاني؛ فبالاتفاق.
قالوا: ثبت تحريمها تغير الركعتين وبغير الطهارة, وهذا التحريم بالشرع إذ لا مجال للعقل, فإذا نقص الجزء أو الشرط, فقد ثبت جوازها بدون الشرط ووجوبها بدون الجزء, فارتفع التحريم بالإباحة أو الوجوب, وهو معنى النسخ.
الجواب: الفرض أنه لم يتجدد وجوب الباقي, بل أبطل وجوب ما نقص وهو نسخ, ولا نزاع فيه, وإنما النزاع في نسخ وجوب الباقي, ووجوبه باق كما كان لم يتغير.
قال: (مسألة: المختار جواز نسخ وجوب معرفته, وتحريم الكفر وغيره خلافًا للمعتزلة, وهي فرع التحسين والتقبيح.