هَذَا مُقَوٍّ لِلْإِشْكَالِ قُلْت لَا؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ هُنَا ثُبُوتٌ يُصَيِّرُهُ كَالْجُزْءِ فِي الشَّرَفِ، وَالْيَابِسَةُ فِيهَا ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْنَبِيَّةً بِخِلَافِ الْوَتَدِ الْمَغْرُوزِ وَثَمَّ ثُبُوتٌ يُصَيِّرُهُ كَالْجُزْءِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ بِالْقُوَّةِ، أَوْ بِالْفِعْلِ، وَالْوَتَدُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا نَحْوُ تَعْرِيشٍ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ اشْتِرَاطَ وَقْفِ نَحْوِ الْعَصَا الثَّابِتَةِ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ مَا قَرَّرْته مِنْ الْفَرْقِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْإِزَالَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا النَّفَلَ» وَرِوَايَةٌ «لَمْ يُصَلِّ فِيهَا» أَيْ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى كَمَا صَحَّ إذْ الْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ النَّفْلِ فِيهَا جَازَ لَهُ الْفَرْضُ أَيْضًا إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَ الِاسْتِقْبَالِ فِيهِمَا فِي الْحَضَرِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُرَاعُوا خِلَافَ الْمَانِعِ فِيهِمَا لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي النَّفْلِ لِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ دُونَ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ قَابِلٌ لِلْمَنْعِ بِأَنَّ النَّفَلَ اُغْتُفِرَ فِيهِ حَصَرًا أَيْضًا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْفَرْضِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِوَاءُ الْفَرْضِ، وَالنَّفَلِ فِي الشُّرُوطِ إلَّا إذَا وَرَدَ دَلِيلٌ بِالْفَرْقِ
وَلَمْ يَرِدْ هُنَا وَأَيْضًا فَعِلَّةُ الْمَنْعِ لَمْ تَتَّضِحْ وَمَا لَمْ تَتَّضِحْ الْعِلَّةُ فِيهِ لَا بُدَّ مِنْ نَصٍّ صَرِيحٍ فِيهِ إذْ الْأُمُورُ التَّعَبُّدِيَّةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالنُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ فَكَانَ الْخِلَافُ فِيهِ ضَعِيفَ الْمَدْرَكِ جِدًّا وَمَا ضَعْف مَدْرَكُهُ كَذَلِكَ لَا يُرَاعَى، بَلْ النَّفَلُ دَاخِلَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ بِبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهُ حَتَّى مِنْ الْكَعْبَةِ كَمَا شَمِلَهُ الْحَدِيثُ، بَلْ نُقِلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ حَتَّى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَكَذَاك الْفَرْضُ أَفْضَلُ فِي الْكَعْبَةِ إلَّا إذَا رَجَا جَمَاعَةً خَارِجَهَا؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَحَلِّهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْ مَا ذُكِرَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى فِيهِ لَا إلَيْهِ وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا لِمَنْ هُوَ خَارِجَهَا هُدِمَتْ، أَوْ وُجِدَتْ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى عُرْفًا مُسْتَقْبِلًا لَهَا بِخِلَافِ مَنْ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ فِي هَوَائِهَا فَلَا يُسَمَّى عُرْفًا مُسْتَقْبِلًا لَهُ فَانْدَفَعَ مَا شَنَّعَ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ غَفْلَةً عَنْ رِعَايَةِ الْعُرْفِ الْمُنَاطِ بِهِ ضَابِطُ الِاسْتِقْبَالِ اتِّفَاقًا
(وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ) بِأَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ خَارِجَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَتَدِ الْمَغْرُوزِ عِنْدَ الشَّارِحِ وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى فَقَوْلُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَفِي حَجّ أَنَّهُ يَكْفِي اسْتِقْبَالُ الْوَتَدِ الْمَغْرُوزِ اهـ خِلَافُ الصَّوَابِ إلَّا إذَا أَرَادَ فِي غَيْرِ التُّحْفَةِ وَشَرْحِ بَافَضْلٍ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ (مُقَوٍّ لِلْإِشْكَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْفِ هُنَا مَا يَدْخُلُ هُنَاكَ وَهُوَ الْوَتَدُ الْمَغْرُوزُ فَبِالْأَوْلَى لَا يَكْفِي هُنَا مَا لَا يَدْخُلُ هُنَاكَ وَهِيَ الشَّجَرَةُ الْجَافَّةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ إلَخْ) فِي نَفْيِ الِانْتِفَاعِ بِالْقُوَّةِ عَنْهَا نَظَرٌ مَعَ إمْكَانِ التَّعْلِيقِ وَوَضْعِ نَحْوِ جِذْعٍ عَلَيْهَا سم (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ) جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مِلْكًا لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنَّهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ الْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي (قَوْلُهُ: وَرِوَايَةٌ لَمْ يُصَلِّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْبَيْتَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُصَلِّ وَدَخَلَ فِي الثَّانِي وَصَلَّى» وَفِي هَذَا جَوَابٌ عَنْ نَفْيِ أُسَامَةَ الصَّلَاةَ، وَالْأَصْحَابُ وَمِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدْ أَجَابُوا بِاحْتِمَالِ الدُّخُولِ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ لَا بِالِاحْتِمَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَرَّةٍ إلَخْ) خَبَرٌ وَرِوَايَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ مَعَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ إذَا الْمُثْبِتُ إلَخْ سم وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مُقَابَلَةٍ عَلَى أَصْلِ الشَّارِحِ مِرَارًا، أَوْ الْمُثْبِتُ إلَخْ بِالْوَاوِ بَدَلَ الذَّالِ وَمَوْضُوعٌ فَوْقَهُ صَحَّ وَعَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ عَدَمِ الْفَارِقِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُرَاعُوا إلَخْ) يَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ وَعُلِمَ بِذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ إفْتَاءِ بَعْضِ الطَّلَبَةِ بِأَوْلَوِيَّةِ تَرْكِ الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْمَانِعِ كَالْإِمَامِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إلَخْ) أَيْ: عَدَمُ سَنِّ رِعَايَةِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ إلَخْ) أَيْ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ آنِفًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ النَّفَلَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَفِعْلِهِ فِي الْبَيْتِ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ: فَعِلَّةُ الْمَنْعِ) أَيْ: حِكْمَةُ الْمَنْعِ فِي الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: الْخِلَافُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: بَلْ النَّفَلُ) إلَى قَوْلِهِ فَانْدَفَعَ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بَلْ النَّفَلُ دَاخِلَهَا أَفْضَلُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ النَّذْرُ، وَالْقَضَاءُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ) أَيْ: الْحَرَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْتِ) أَيْ: بَيْتِ الْإِنْسَانِ رَشِيدِيٌّ وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ فِيهِ) أَيْ النَّفَلُ فِي بَيْتِ الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ: إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْفَرْضُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعِ خِلَافَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ «فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا» مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا رَجَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَكَذَا مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً خَارِجَ الْكَعْبَةِ بِأَنْ لَمْ يَرْجُهَا أَصْلًا، أَوْ يَرْجُهَا دَاخِلَهَا، أَوْ دَاخِلَهَا وَخَارِجَهَا فَإِنْ رَجَاهَا خَارِجَهَا فَقَطْ فَخَارِجُهَا أَفْضَلُ اهـ.
(قَوْلُهُ: خَارِجَهَا) أَيْ دُونَ دَاخِلِهَا سم (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الْفَضِيلَةِ إلَخْ) أَيْ: كَالْجَمَاعَةِ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْ مَا ذُكِرَ) أَيْ: كَأَنْ كَانَ الشَّاخِصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ) أَيْ: مَا صَلَّاهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ لَا إلَيْهِ) أَيْ: الْبَيْتِ الْحَرَامِ
(قَوْلُهُ: لِمَنْ هُوَ خَارِجَهَا إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ عَلَى نَحْوِ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبِلًا لَهُ) أَيْ: لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَنْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) أَيْ: بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ سم أَيْ عُرْفًا بِرْمَاوِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ خَارِجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي، أَوْ بِمَكَّةَ وَلَا حَائِلَ أَوْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ أَوْ عَلَى سَطْحٍ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُعَايَنَتِهَا وَحَصَلَ لَهُ شَكٌّ فِيهَا لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ مُرَادُهُ م ر بِالظُّلْمَةِ الظُّلْمَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ الْمُعَايَنَةِ فِي الْحَالِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّوَصُّلِ إلَى الْمُعَايَنَةِ بِغَيْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSبِخِلَافِ الْيَابِسَةِ إلَخْ) فِي نَفْيِ الِانْتِفَاعِ بِالْقُوَّةِ عَنْهَا نَظَرٌ مَعَ إمْكَانِ التَّعْلِيقِ بِهَا وَوَضْعِ نَحْوِ جِذْعٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى كَمَا صَحَّ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ مَعَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ إذْ الْمُثْبِتُ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: خَارِجَهَا) أَيْ: دُونَ دَاخِلِهَا
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ) أَيْ: بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ