فَتَأَمَّلْهُ.

وَنَظَرُهُ لِادِّعَائِهِ الصِّحَّةَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَ الْمَصْلَحَةِ لِادِّعَائِهِ الصِّحَّةَ أَيْضًا فَمَحَلُّ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ حَيْثُ لَمْ يُكَلَّفْ إثْبَاتَ مُسَوِّغِ الْبَيْعِ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ فُلَانًا حَكَمَ لِهَذَا بِهِ وَبَيِّنَةٌ بِأَنَّ آخَرَ حَكَمَ بِهِ لِآخَرَ فَقِيلَ يُحْكَمُ بِالْحُكْمِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ فَيَتَسَاقَطَانِ أَيْ: وَيُرَجَّحُ بِوَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ مِمَّا يُمْكِنُ مَجِيئُهُ هُنَا فَإِنْ اتَّحَدَ الْحَاكِمُ فَقِيلَ: كَذَلِكَ وَقِيلَ: يُلْغَى الثَّانِي وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَأَنَّ الْحُكْمَيْنِ حَيْثُ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا قُدِّمَ السَّابِقُ إلَّا أَنْ يُرَجَّحَ الثَّانِي بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ، وَزَعْمُ النَّسْخِ هُنَا مُشْكِلٌ جِدًّا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْدُودِ أَنَّهُ يَنْفُذُ بَاطِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَاطِنُ الْأَمْرِ كَظَاهِرِهِ فَإِنْ لَمْ يُؤَرَّخَا كَذَلِكَ تَعَارَضَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ أَيْضًا

. (فَصْلٌ)

فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَهُوَ لُغَةً مُتَتَبِّعُ الْأَثَرِ وَالشَّبَهِ مِنْ قَفَوْتُهُ تَبِعْتُهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا فَقَالَ: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا أَيْ: بِجِيمٍ وَزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ وَزَيْدٌ أَبْيَضَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَلَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَهُ لَمَنَعَهُ مِنْ الْمُجَازَفَةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ وَلَا يُسَرُّ إلَّا بِحَقٍّ (شَرْطُ الْقَائِفِ) مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: (مُسْلِمٌ عَدْلٌ) أَيْ: إسْلَامٌ وَعَدَالَةٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُرُوطِ الشَّاهِدِ السَّابِقَةِ كَكَوْنِهِ بَصِيرًا نَاطِقًا رَشِيدًا غَيْرَ عَدُوٍّ لِمَنْ يُنْفَى عَنْهُ وَلَا بَعْضٍ لِمَنْ يُلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ قَاسِمٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ سَمِيعًا وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ (مُجَرَّبٌ) لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «لَا حَكِيمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» وَكَمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الِاجْتِهَادِ فِي الْقَاضِي، وَفَسَّرَ أَصْلُهُ التَّجْرِبَةَ بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ غَيْرِ أُمِّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ فَإِذَا أَصَابَ فِي الْكُلِّ فَهُوَ مُجَرِّبٌ اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ وَاعْتَمَدَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِمَادِ الِاكْتِفَاءِ بِمَرَّةٍ، وَكَوْنِهِ مَعَ الْأُمِّ غَيْرَ شَرْطٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: وَبِأَنَّ كَوْنَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ إلَخْ) أَيْ: الْوَلِيُّ الشَّامِلُ لِلْقَيِّمِ وَالْوَصِيِّ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ أَنْ لَا يَسْتَلْزِمَ ادِّعَاءُ الصِّحَّةِ عَدَمَ التَّكْلِيفِ بِإِثْبَاتِ الْمَصْلَحَةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ إلَخْ) الظَّاهِرُ الثَّابِتُ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يُمْكِنُ إلَخْ) أَيْ: كَزِيَادَةِ عِلْمٍ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: كَتَعَدُّدِ الْحَاكِمِ فِي جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ: بَيْنَ تَعَدُّدِ الْحَاكِمِ وَاتِّحَادِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ: حُكْمَ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُؤَرَّخَا كَذَلِكَ) أَيْ: بِأَنْ أُطْلِقَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا. (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَاخْتِلَافِ التَّارِيخِ

[فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ]

(فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ. (قَوْلُهُ: فِي الْقَائِفِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: بِجِيمٍ وِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَقَوْلَهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَى وَكَوْنِهِ مَعَ الْأُمِّ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَى وَكَوْنُهُ مَعَ الْأُمِّ وَقَوْلَهُ: وَكَوْنُ ذَلِكَ أَوْلَى إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: الْمُلْحِقُ لِلنَّسَبِ إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْقَائِفُ لُغَةً مُتَتَبِّعُ الْآثَارِ وَالْجَمْعُ قَافَةٌ كَبَائِعٍ وَبَاعَةٍ وَشَرْعًا مَنْ يُلْحِقُ النَّسَبَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وِزَاءَيْنِ إلَخْ) أَيْ: أُولَاهُمَا مُشَدَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كُلَّمَا أَخَذَ أَسِيرًا جَزَزَ رَأْسَهُ أَيْ: قَطَعَهُ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو دَاوُد إلَخْ) وَعَكَسَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ كَانَ زَيْدٌ أَخْضَرَ اللَّوْنِ وَأُسَامَةُ أَسْوَدَ اللَّوْنِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَسَبَبُ سُرُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا قَالَهُ مُجَزِّزٌ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ طَوِيلًا أَسْوَدَ أَقْنَى الْأَنْفِ وَكَانَ زَيْدًا قَصِيرًا بَيْنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ أَخْنَسَ الْأَنْفِ وَكَانَ طَعْنُهُمْ مَغْيَظَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ كَانَا حِبَّيْهِ فَلَمَّا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَرَى إلَّا أَقْدَامَهُمَا سُرَّ بِهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد إلَخْ وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ أُسَامَةَ كَانَ أَحْمَرَ أَشْقَرَ وَزَيْدٌ مِثْلُ اللَّيْلِ الْأَسْوَدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ دَعَا قَائِفَيْنِ فِي رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا مَوْلُودًا وَشَكَّ أَنَسٌ فِي مَوْلُودٍ لَهُ فَدَعَا لَهُ قَائِفًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبِقَوْلِنَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْقَائِفِ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِمَا مَرَّ وَفِي عَجَائِبِ الْمَخْلُوقَاتِ عَنْ بَعْضِ التُّجَّارِ أَنَّهُ وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ مَمْلُوكًا أَسْوَدَ شَيْخًا قَالَ فَكُنْت فِي بَعْضِ أَسْفَارِي رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ وَالْمَمْلُوكُ يَقُودُهُ فَاجْتَازَ بِنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ فَأَمْعَنَ فِينَا نَظَرَهُ ثُمَّ قَالَ مَا أَشْبَهَ الرَّاكِبَ بِالْقَائِدِ قَالَ فَرَجَعْت إلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتهَا بِذَلِكَ فَقَالَتْ صَدَقَ إنَّ زَوْجِي كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا ذَا مَالٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَزَوَّجَنِي بِهَذَا الْمَمْلُوكِ فَوَلَدْتُك ثُمَّ تَكَنَّى وَاسْتَلْحَقَك وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَحْكُمُ بِالْقِيَافَةِ وَتَفْخَرُ بِهَا وَتَعُدُّهَا مِنْ أَشْرَفِ عُلُومِهَا وَهِيَ وَالْفِرَاسَةُ غَرَائِزُ فِي الطِّبَاعِ يُعَانُ عَلَيْهَا الْمَجْبُولُ عَلَيْهَا وَيَعْجِزُ عَنْهَا الْمَصْرُوفُ عَنْهَا اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَهُ لَمَنَعَهُ إلَخْ) أَيْ: وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ تَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَهَلْ تَجِبُ) الْأَوْلَى وَهَلْ تَجُوزُ. (قَوْلُ الْمَتْنِ شَرْطُ الْقَائِفِ) أَيْ: شُرُوطُهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ إلَخْ) تَصْحِيحٌ لِلْحَمْلِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ مُسْلِمٌ عَدْلٌ) أَيْ: فَلَا يُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ وَلَا فَاسِقٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِمَنْ يَنْفِي إلَخْ) وَقَوْلُهُ: لِمَنْ يُلْحَقُ إلَخْ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ مُجَرَّبٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِخَطِّهِ فِي مَعْرِفَةِ النَّسَبِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «لَا حَكِيمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» ) الِاسْتِدْلَال بِهِ قَدْ يُفِيدُ قِرَاءَةَ مُجَرَّبٌ فِي الْمَتْنِ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ رَشِيدِيٌّ تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي ضَبْطُهُ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ بِفَتْحِ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَكَمَا لَا يُؤْتَى الْقَضَاءُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ عِلْمِهِ بِالْأَحْكَامِ اهـ. وَهِيَ أَحْسَنُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ) وَيَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُنَّ لِلضَّرُورَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ) بَلْ فِي اشْتِرَاطِ الْأَرْبَعِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــSرَدٌّ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ

. (فَصْلٌ شَرْطُ الْقَائِفِ مُسْلِمٌ عَدْلٌ مُجَرِّبٌ إلَخْ) .

(قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015