لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى أَصْلًا وَلَا عَلَى نَائِبِهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُنَصِّبَ الشَّافِعِيُّ مَنْ يَدَّعِي وَمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفٍ أَوْ مَالِ نَحْوِ يَتِيمٍ أَوْ بَيْتِ مَالٍ وَتَخْصِيصُهُ نَصْبَ ذَلِكَ بِالْقَاضِي الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فِي تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالنَّظَرِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْآنَ فَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَنَفِيِّ لَا غَيْرُ فَلْيَخْتَصَّ ذَلِكَ بِهِ
(وَمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِحَقٍّ (لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي) عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ حُجَّةٍ فَهُوَ كَالطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَدِينِ مَعَ الْبَيِّنَةِ بِإِعْسَارِهِ لِجَوَازِ أَنَّ لَهُ مَالًا بَاطِنًا وَكَذَا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِعَيْنٍ وَقَالُوا لَا نَعْلَمُهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ أَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً ثُمَّ قَالَ لَا تَحْكُمْ عَلَيْهِ حَتَّى تُحَلِّفَهُ فَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ بُطْلَانَ بَيِّنَتِهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهَا مِمَّا لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِهَا وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ ظُهُورَ إقْدَامِهِ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ اهـ.
وَلَا نَظَرَ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ (فَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (أَدَاءً) لَهُ (أَوْ إبْرَاءً) مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ (أَوْ شِرَاءَ عَيْنٍ) مِنْهُ (أَوْ هِبَتَهَا وَإِقْبَاضَهَا) أَيْ: إنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهَا وَأَقْبَضَهَا لَهُ (حَلَّفَهُ) أَيْ: مُدَّعِي نَحْوِ الْأَدَاءِ مُقِيمُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ: الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ لِاحْتِمَالِهِ هَذَا إنْ ادَّعَى حُدُوثَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَرَثَةِ لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْحَاضِرِ انْتَهَتْ. وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ مُبَايَنَةٌ فَتَأَمَّلْ. رَشِيدِيٌّ أَقُولُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ هُنَاكَ مِثْلُ عِبَارَةِ النِّهَايَةِ وَقَدْ يُدْفَعُ التَّبَايُنُ بِأَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ هُنَا الْحُكْمُ الْمُتَعَدِّي لِلْجَمِيعِ فَيَحْتَاجُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْحَاضِرِ إلَى اسْتِئْنَافِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ كَمَا بَسَطَهُ سم هُنَاكَ (قَوْلُهُ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَجُوزُ مِنْهُمَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بَلْ لَا بُدَّ إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُنَصِّبَ الشَّافِعِيُّ مَنْ يَدَّعِي) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى لِمَنْ ذَكَرَ، وَقَوْلُهُ وَمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ إذَا كَانُوا مُدَّعًى عَلَيْهِمْ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ بِحَقٍّ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَدِينِ مَعَ الْبَيِّنَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ هُوَ يَسَارَهُ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مَا سَيَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ ادَّعَى أَدَاءً أَوْ إبْرَاءً إلَخْ فَلَا يُقَالُ كَانَ مِنْ حَقِّ الشَّارِحِ تَأْخِيرُ اسْتِثْنَاءِ هَاتَيْنِ عَمَّا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ أَمَّا تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً ثُمَّ قَالَ لَا تَحْكُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ مَعْمُولٍ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُدَّعِي الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِمَا ادَّعَاهُ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ شِرَاءَ عَيْنٍ) أَيْ الْعَيْنِ الَّتِي ادَّعَاهَا سم أَيْ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِهَا (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُدَّعِي الْعَيْنِ الَّتِي أَقَامَ بِهَا الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ أَيْ مُدَّعِي إلَخْ) فَاعِلٌ وَقَوْلُهُ مُقِيمَ إلَخْ مَفْعُولٌ سم (قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى نَفْيِهِ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ تَوْفِيَةَ الدَّيْنِ أَوَّلًا بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي ثُمَّ يَسْتَوْفِي وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ مَا تَأَدَّى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا بَاعَهُ الْعَيْنَ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ أَوْ لَا أَقْبَضَهُ إيَّاهَا (قَوْلُهُ أَيْ الْأَدَاءِ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا صَوَّبَهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ ادَّعَى حُدُوثَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ أَوْ كَذِبِهِ فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا، وَهَكَذَا صَنِيعُ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ كَالصَّرِيحِ فِي التَّفْرِقَةِ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ عِلْمَهُ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ أَوْ كَذِبِهِ لِلتَّحْلِيفِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَبَحَثْت فِي ذَلِكَ مَعَ م ر فَوَافَقَ عَلَيْهَا وَقَدْ سُئِلْت عَمَّا لَوْ عَلَّقَ إنْسَانٌ طَلَاقًا بِفِعْلِ شَيْءٍ وَفَعَلَهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالطَّلَاقِ وَالْفُرْقَةِ ثُمَّ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا فَقُلْت صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَانَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَبُطْلَانُ الْحُكْمِ، ثُمَّ رَأَيْت سُئِلَ م ر عَنْ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةِ وَاعْتَذَرَ الزَّوْجُ عَنْ عَدَمِ دَعْوَاهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِنَحْوِ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ، ثُمَّ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ يُفِيدُ أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بِشَيْءٍ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: نَعَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ وَيَتَبَيَّنُ عَدَمُ حِنْثِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى اهـ سم بِحَذْفٍ أَقُولُ وَكَذَا صَنِيعُ الْمُغْنِي حَيْثُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَدْ أَبْدَلْت عَلَى بِمِنْ
. (قَوْلُهُ: أَوْ شِرَاءَ عَيْنٍ) أَيْ: الْعَيْنِ الَّتِي ادَّعَاهَا (قَوْلُهُ: أَيْ: مُدَّعِي وَقَوْلُهُ: مُقِيمَ) مَفْعُولٌ. (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا ادَّعَى حُدُوثَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ أَوْ كَذِبِهِ فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا وَهَكَذَا صَنِيعُ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ ظَاهِرَةٌ فِي التَّفْرِقَةِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِحَقٍّ؛ لِأَنَّهُ كَطَعْنٍ فِي الشُّهُودِ إلَّا إنْ ادَّعَى خَصْمُهُ مُسْقِطًا لَهُ كَأَدَاءٍ لَهُ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ شِرَائِهِ مِنْ مُدَّعِيهِ وَعِلْمِهِ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ إذَا ادَّعَى حُدُوثَهُ قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ وَكَذَا بَيْنَهُمَا وَمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِهِ وَإِلَّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ اهـ. فَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ أَيْ: دَعْوَى عِلْمِهِ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ هَذَا التَّقْيِيدِ فِي الْأَخِيرَةِ وَأَنَّهُ فِيهَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَكَأَنَّ مَدَارَ الْفَرْقِ أَنَّ الْقَدْحَ بَعْدَ الْحُكْمِ إنْ رَجَعَ لِلْمَحْكُومِ بِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَانِعًا مِنْ دَعْوَاهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَإِنْ رَجَعَ لِلْحُكْمِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ بَحَثْتُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ م ر فَوَافَقَ عَلَيْهِ وَقَدْ سُئِلْتُ عَمَّا لَوْ عَلَّقَ إنْسَانٌ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ شَيْءٍ وَفَعَلَهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالطَّلَاقِ وَالْفُرْقَةِ ثُمَّ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا فَقُلْتُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَبَانَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَبُطْلَانُ الْحُكْمِ وَهَذَا مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْقَدْحِ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ ثُمَّ رَأَيْتُ م ر سُئِلَ عَمَّنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلِهِ شَيْئًا ثُمَّ فَعَلَهُ فَرُفِعَ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَحَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ادَّعَى الْحَالِفُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ نَاسِيًا وَاعْتَذَرَ عَنْ عَدَمِ دَعْوَاهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِنَحْوِ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ ثُمَّ أُخْبِرَ بِأَنَّهُ يُفِيدُ أَوْ حَصَلَ لَهُ دَهْشَةٌ أَوْ غَفْلَةٌ عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْتَذِرْ بِشَيْءٍ فَهَلْ تُفِيدُهُ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْحُكْمِ؟ فَأَجَابَ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ بِمَا نَصُّهُ نَعَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ