مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ فَإِنْ غَابَ أَوْ كَانَ قَاصِرًا وَالْأَجْنَبِيُّ مُقِرٌّ بِهِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ قَوْلُ السُّبْكِيّ لِلْوَصِيِّ وَالدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ أَيْ: بِالرَّفْعِ لِلْقَاضِي لِيُوَفِّيَهُمَا مِمَّا يَثْبُتُ لَهُ وَلَوْ ادَّعَى وَلَمْ يَقُلْ سَلْهُ جَوَابَ دَعْوَايَ أَوْ نَحْوَهُ جَازَ لِلْقَاضِي سُؤَالُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَهُ عَنْ وَصْفٍ أَطْلَقَهُ لَا شَرْطٍ أَهْمَلَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ حَتَّى يُصَحِّحَ دَعْوَاهُ كَمَا مَرَّ
وَلَيْسَ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِعَقْدٍ أُجْمِعَ عَلَى فَسَادِهِ إلَّا لِنَحْوِ رَدِّ الثَّمَنِ وَلَهُ سَمَاعُهَا بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ لِيَحْكُمَ فِيهِ بِمَا يَرَاهُ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا فِيمَا يَرَاهُ؛ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ دَعْوَى فَتَبْطُلُ بِرَدِّهِ لَهَا بِخِلَافِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِإِبْطَالِهِ وَبَحَثَ الْغَزِّيِّ سَمَاعَهَا فِيهَا إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّ طَالِبَهَا يُعَارِضُنِي فِيمَا اشْتَرَيْتُهُ بِلَا حَقٍّ فَيَمْنَعُهُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا (أَوْ) ادَّعَى رَجُلٌ وَيَأْتِي أَنَّ الْمَرْأَةَ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ (نِكَاحًا) فِي الْإِسْلَامِ (لَمْ يَكْفِ الطَّلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ يَقُولُ نَكَحْتهَا) نِكَاحًا صَحِيحًا (بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ) أَوْ سَيِّدٍ يَلِي نِكَاحَهَا أَوْ بِهِمَا فِي مُبَعَّضَةٍ (وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا إنْ كَانَ يُشْتَرَطُ) لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَبِإِذْنِ وَلِيِّي إنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ سَيِّدِي إنْ كَانَ عَبْدًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْآدَمِيِّ فَاحْتِيطَ لَهُ كَالْقَتْلِ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُمَا بَعْدَ وُقُوعِهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ كَرَضَاعٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا أَمَّا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَاهَا كَمُجْبَرَةٍ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ بَلْ لِمُزَوِّجِهَا مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ لِعِلْمِهَا بِهِ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى عَلَيْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQسم (قَوْلُهُ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِذَا ثَبَتَ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ إلَخْ سم بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ وَالْأَجْنَبِيُّ مُقِرٌّ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْكِرًا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْقِيَاسُ سَمَاعُهُمَا لِتَوْفِيَةِ الْقَاضِي حَقَّهُ مِمَّا تَحْتَ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ أَثْبَتَهُ ع ش وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ تَصْرِيحُ الشَّارِحِ بِذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ نَقَلَ سم عَنْ الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ خِلَافَهُ كَمَا يَأْتِي آنِفًا (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ قَوْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ) وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَيْضًا حَمْلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى الْعَيْنِ وَأَنَّهُ تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ الْوَارِثُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَذَكَرَ الشِّهَابُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ بَحَثَ مَعَ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْحَمْلِ الْآتِي فَبَالَغَ فِي إنْكَارِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ لِيُوَفِّيَهُ مِنْ الْعَيْنِ كَالدَّيْنِ إذَا كَانَا ثَابِتَيْنِ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ. رَشِيدِيٌّ وَقَدْ مَرَّ عَنْ ع ش وِفَاقًا لِلشَّارِحِ أَنَّ الْقِيَاسَ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: جَازَ لِلْقَاضِي سُؤَالُهُ) أَيْ وَجَازَ تَرْكُهُ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا إذَا سَأَلَهُ إيَّاهُ كَمَا تَقَدَّمَ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ
(قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ مَنْعِ الْقَاضِي طَالِبَ الشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَحِينَئِذٍ فَلْيَنْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَتَبْطُلُ بِرَدِّهِ لَهَا رَشِيدِيٌّ، وَقَدْ يَدَّعِي رُجُوعَ هَذَا التَّفْرِيعِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا) أَيْ كَالْحَنَفِيِّ ع ش (قَوْلُهُ وَيَأْتِي) أَيْ فِي الْفَرْعِ (قَوْلُهُ فِي الْإِسْلَامِ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ عَقْدًا مَالِيًّا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى الْمُرَادِ بِمُرْشِدٍ (قَوْلُهُ فِي الْإِسْلَامِ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ.
(قَوْلُهُ نِكَاحًا صَحِيحًا) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي وَقَدْ صَرَّحَ أَيْضًا بِذَلِكَ أَيْ اشْتِرَاطِ التَّقْيِيدِ بِالصِّحَّةِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي وَالْأَنْوَارُ (قَوْلُهُ بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ) إلَّا أَنْ تَكُونَ وِلَايَتُهُ بِالشَّوْكَةِ أَسْنَى (قَوْلُهُ أَوْ سَيِّدٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِعَدَالَةِ السَّيِّدِ وَحُرِّيَّتِهِ أَنْوَارٌ (قَوْلُهُ فَاحْتِيطَ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ كَالدَّمِ إذْ الْوَطْءُ الْمُسْتَوْفَى لَا يُتَدَارَكُ كَالدَّمِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ اعْتَبَرْنَا مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ نِكَاحًا صَحِيحًا كَانَ فِي مَعْنَى ذِكْرِ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ سم وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ ذِكْرُ انْتِفَاءِ إلَخْ أَيْ تَفْصِيلًا وَإِلَّا فَقَدْ تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ نِكَاحًا صَحِيحًا اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا) وَلِأَنَّهَا كَثِيرَةٌ يَعْسُرُ ضَبْطُهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ بَلْ لِمُزَوِّجِهَا إلَخْ) أَيْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ إذْ الْمُجْبَرَةُ تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَيْهَا أَوْ عَلَى مُجْبِرِهَا وَانْظُرْ حِينَئِذٍ مَا مَعْنَى تَعَرُّضِهِ لَهُ وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةً فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِلُزُومِ تَعَرُّضِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا فِي الْمَتْنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِسْبَةِ التَّزْوِيجِ إلَى الْمُجْبِرِ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْكَحْتَهَا لِي نِكَاحًا صَحِيحًا وَأَنْتَ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ أَوْ عَدْلٌ بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ، عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَدَعْوَى النِّكَاحِ تَارَةً تَكُونُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ وَتَارَةً عَلَى وَلِيِّهَا الْمُجْبِرِ وَتَارَةً عَلَيْهِمَا وَإِذَا ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحَلَّفَهُ فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــSدُونَ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِذَا ثَبَتَ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: مَا نَصُّهُ وَجَزَمَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ لِغَرِيمِ مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ لَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدَّعِ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِعَيْنٍ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ لَعَلَّهُ يُقِرُّ قَالَ وَالْأَحْسَنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهَا وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَنْعِ إنَّمَا هُوَ فِي الدَّيْنِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَلِلْغَائِبِ كَالْمَيِّتِ فِيمَا ذَكَرَهُ.
وَقَوْلُ شُرَيْحٍ يَمْتَنِعُ إقَامَةُ غَرِيمِ الْغَائِبِ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ عَيْنًا مُنْظَرٌ فِيهِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا مَرَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدَّعِيَ لِيُقِيمَ شَاهِدًا وَيَحْلِفَ مَعَهُ اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ حُضُورَ الْوَارِثِ مَعَ عَدَمِ دَعْوَاهُ مُجَوِّزٌ أَيْضًا لِدَعْوَى الْغَرِيمِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ جَوَازُ دَعْوَاهُ أَيْضًا إذَا كَانَ غَائِبًا أَوْ قَاصِرًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى حُضُورِهِ مَعَ عَدَمِ دَعْوَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ بَحَثْتُ مَعَ م ر فِي ذَلِكَ فَبَالَغَ فِي مُخَالَفَةِ هَذَا الْمَنْقُولِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيِّ وَالْغَزِّيِّ مِنْ جَوَازِ إقَامَةِ الْغَرِيمِ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ الْعَيْنِ وَقَالَ: لَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْغَرِيمِ إثْبَاتُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ ثَابِتًا الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ
. (قَوْلُهُ: وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) هُوَ شَامِلٌ لِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ لِانْعِقَادِهِ بِهِمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِهِ إلَّا إذَا ثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ إلَخْ)