أَوْ سَارِقٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي سَبَبِهِ فَوَجَبَ بَيَانُهُ لِيَعْمَلَ الْقَاضِي فِيهِ بِاعْتِقَادِهِ نَعَمْ لَوْ اتَّحَدَ مَذْهَبُ الْقَاضِي، وَشَاهِدِ الْجَرْحِ لَمْ يَبْعُدْ الِاكْتِفَاءُ مِنْهُ بِالْإِطْلَاقِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَيُوَجَّهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا، وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عِلْمُهُ بِسَبَبِهِ مُغْنٍ عَنْ تَفْسِيرِهِ، وَلَوْ عَلِمَ لَهُ مُجَرِّحَاتٍ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِأَزْيَدَ مِنْهُ، بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَجُوزُ جَرْحُهُ بِالْأَكْبَرِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِالْأَصْغَرِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ لَمْ يُقْبَلْ لَكِنْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهِ إلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ ذَلِكَ الْجَرْحِ كَمَا يَأْتِي أَمَّا سَبَبُ الْعَدَالَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِهَا، وَعُسْرِ عَدِّهَا قَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ: وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُزَكِّي وَالْمَجْرُوحِ وَلَا الشُّهُودِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ أَيْ: لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ ثَمَّ كَفَتْ فِيهِمَا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْخَصْمِ لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ إنْ أَمْكَنَهُ (وَيَعْتَمِدُ فِيهِ) أَيْ: الْجَرْحِ (الْمُعَايَنَةَ) لِنَحْوِ زِنَاهُ، أَوْ السَّمَاعَ لِنَحْوِ قَذْفِهِ (أَوْ الِاسْتِفَاضَةَ) عَنْهُ بِمَا يُجَرِّحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ التَّوَاتُرَ، وَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ عَدَدٍ قَلِيلٍ إلَّا إنْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، وَوُجِدَ شَرْطُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَذْكُرُ مُعْتَمَدَهُ الْمَذْكُورَ، وَالْأَقْيَسُ لَا، (وَيُقَدَّمُ) الْجَرْحُ (عَلَى التَّعْدِيلِ) لِزِيَادَةِ عِلْمِ الْجَارِحِ
(فَإِنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ: عَرَفْت سَبَبَ الْجَرْحِ، وَتَابَ مِنْهُ، وَصَلَحَ قُدِّمَ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهِ حِينَئِذٍ (تَنْبِيهٌ)
قَوْلُهُ: وَصَلَحَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ تَأْسِيسٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّوْبَةِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ، وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مَضَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُ مَسْئُولٌ فَهُوَ فِي حَقِّهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، أَوْ عَيْنٍ بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا إذَا نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعَةِ، فَإِنَّهُمْ قَذَفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ مَنْدُوبُونَ إلَى السَّتْرِ فَهُمْ مُقَصِّرُونَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَارِقٍ) أَوْ قَاذِفٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ يَقُولُ مَا يَعْتَقِدُهُ مِنْ الْبِدْعَةِ الْمُنْكَرَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلِاخْتِلَافِ إلَخْ.) عِلَّةٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ بَيَانُهُ إلَخْ.) أَشْكَلَ عَلَى بَعْضَ الطَّلَبَةِ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجَرْحِ، وَسَبَبِهِ، وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ هُوَ الْفِسْقُ، أَوْ رَدُّ الشَّهَادَةِ، وَسَبَبُهُ نَحْوُ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ: فِي شَرْحٍ مَعَ مَعْرِفَةِ الْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِمَامُ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَقِيلَ إنْ كَانَ الْجَارِحُ عَالِمًا بِالْأَسْبَابِ اكْتَفَى بِإِطْلَاقِهِ، وَإِلَّا فَلَا (تَنْبِيهٌ)
مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمَنْصُوبِ لِلْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ، أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ سُؤَالُهُ عَنْ السَّبَبِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَطْلَبِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ) إلَى قَوْلِهِ: قَالَ جَمْعٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: بَلْ قَالَ إلَى فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ، وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْأَصَحُّ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَتَوَقَّفُ إلَخْ.) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَكِنْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ عَنْ إلَخْ. قَالَ ع ش، وَفِي نُسْخَةٍ أَيْ: لِلنِّهَايَةِ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَنْ إلَخْ. أَيْ: نَدْبًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لَهُ. اهـ. عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي الَّذِي يَأْتِي خِلَافُ هَذَا، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّوَقُّفُ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا إبْدَالَ لَفْظِ يَجِبُ بِيُنْدَبُ، وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُ مَا يَأْتِي. اهـ. وَصَنِيعُ الْمُغْنِي، وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوبِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَسْنَى عِبَارَتُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِهِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ أَصْلًا حَتَّى يُقَدِّمَ عَلَيْهَا بَيِّنَةَ التَّعْدِيلِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّوَقُّفُ عَنْ الْعَمَلِ بِهَا إلَى بَيَانِ السَّبَبِ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي جَرْحِ الرَّاوِي، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرِّوَايَةِ، وَالشَّهَادَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهِ) أَيْ: بِالْمَجْرُوحِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ: قِيلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَخْ. (قَوْلُهُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهِ) أَيْ بِالْمَجْرُوحِ اهـ. مُغْنِي قَوْلُهُ (كَمَا يَأْتِي) أَيْ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَخْ (قَوْلُهُ: حُضُورُ الْمُزَكَّى) بِفَتْحِ الْكَافِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ) الْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمُزَكَّى، وَالْأَصْلَ (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَيَعْتَمِدُ) أَيْ: الْجَارِحُ.
اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ: الْجَرْحِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا يَجُوزُ إلَى، وَالْأَشْهَرُ (قَوْلُ الْمَتْنِ، أَوْ الِاسْتِفَاضَةَ) عُلِمَ بِذَلِكَ اعْتِمَادُ التَّوَاتُرِ بِالْأَوْلَى. اهـ. نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ، أَوْ التَّوَاتُرَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى، وَكَذَا شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ مَثَلًا بِشَرْطِهِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ، أَوْ الظَّنِّ بِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ شَهِدَ) أَيْ: الْجَارِحُ (قَوْلُهُ: وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَذْكُرُ مُعْتَمَدَهُ إلَخْ.) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ مُعَايَنَةٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَشْهَرُ نَعَمْ، وَثَانِيهمَا، وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا، وَهَذَا، أَوْجَهُ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ) سَوَاءٌ كَانَ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ أَكْثَرَ أَمْ لَا. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ سم قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: فَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ قُدِّمَ الْجَرْحُ عَلَى التَّعْدِيلِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَكَذَا لَوْ جَرَّحَهُ اثْنَانِ، وَعَدَّلَهُ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ إلَى مِائَةٍ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَغَيْرُهُ انْتَهَى. اهـ. (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ عِلْمِ الْجَارِحِ) فَإِنَّ بَيِّنَةَ التَّعْدِيلِ بَنَتْ أَمْرَهَا عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ الْأَسْبَابِ الدَّالَّةِ عَلَى الْعَدَالَةِ، وَخَفِيَ عَلَيْهَا مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ الْجَارِحِ مِنْ السَّبَبِ الَّذِي جَرَّحَتْهُ بِهِ كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحَقِّ، وَبَيِّنَةٌ بِالْإِبْرَاءِ. اهـ. مُغْنِي
(قَوْلُ الْمَتْنِ الْمُعَدِّلُ) بِكَسْرِ الدَّالِ بِخَطِّهِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ عِلْمِهِ إلَخْ.) أَيْ: بِجَرَيَانِ التَّوْبَةِ، وَصَلَاحِ الْحَالِ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْجَارِحُ (تَنْبِيهٌ)
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إحْدَى مَسْأَلَتَيْنِ يُقَدَّمُ فِيهِمَا بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ عَلَى الْجَرْحِ، وَالثَّانِيَةُ مَا لَوْ جُرِّحَ بِبَلَدٍ، ثُمَّ انْتَقَلَ لِآخَرَ فَعَدَّلَهُ اثْنَانِ قُدِّمَ التَّعْدِيلُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: وَلَا يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ الْبَلَدَيْنِ، بَلْ لَوْ كَانَا فِي بَلَدٍ، وَاخْتَلَفَ الزَّمَانُ فَكَذَلِكَ انْتَهَى، وَحَاصِلُ الْأَمْرِ تَقْدِيمُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ مِنْ جَرْحٍ، أَوْ تَعْدِيلٍ. اهـ. وَلَعَلَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الذَّخَائِرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجَرْحِ، وَسَبَبِهِ نَحْوُ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ) مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ م ر (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: وَالْأَقْيَسُ لَا) هَذَا، أَوْجَهُ ش م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا، وَالْأَقْيَسُ لَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ، وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُ الثَّانِي. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْجَرْحُ عَلَى التَّعْدِيلِ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: فَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ، وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ قُدِّمَ الْجَرْحُ عَلَى التَّعْدِيلِ. اهـ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَكَذَا لَوْ جَرَّحَهُ اثْنَانِ، وَعَدَّلَهُ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ إلَى مِائَةٍ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَغَيْرُهُ. اهـ. قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: قُبَيْلَ