وَأَوَّلَ الْأَذْرَعِيُّ كَالْحُسْبَانِيِّ هَذَا الْوَجْهَ بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعْتَمَدِ.
(وَشَرْطُهُ) أَيْ: الْمُزَكِّي سَوَاءٌ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ، وَالْمَرْسُولُ إلَيْهِ (كَشَاهِدٍ) فِي كُلِّ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمَّا مَنْ نُصِّبَ لِلْحُكْمِ بِالتَّعْدِيلِ، وَالْجَرْحِ فَشَرْطُهُ كَقَاضٍ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي، وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ، وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِخْلَافِ (مَعَ مَعْرِفَةِ) الْمُزَكِّي لِكُلٍّ مِنْ (الْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ) ، وَأَسْبَابِهِمَا لِئَلَّا يُجَرِّحَ عَدْلًا، وَيُزَكِّيَ فَاسِقًا، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدُ بِالرُّشْدِ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: يَكْفِيهِ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ صَالِحٌ لِدِينِهِ، وَدُنْيَاهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ يُعْرَفُ صَلَاحُهُمَا الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الرُّشْدُ فِي مَذْهَبِ الْحَاكِمِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي هُوَ عَدْلٌ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِنَحْوِ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ، وَلَوْ مِنْ الْمُوَافِقِ لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ؛ لِأَنَّ وَظِيفَةَ الشَّاهِدِ التَّفْصِيلُ لَا الْإِجْمَالُ لِيَنْظُرَ فِيهِ الْقَاضِي، وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ احْتِمَالٌ يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ.) أَيْ: مِنْ غَيْرِ مُشَافَهَةٍ، وَهَذَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَأَصْحَابُهُ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ الْآنَ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ بِرُؤْيَةِ سِجِلِّ الْعَدَالَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَأَوَّلَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْمُغْنِي (تَنْبِيهٌ)
مَنْ نَصَّبَ مِنْ أَرْبَابِ الْمَسَائِلِ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ كَفَى أَنْ يُنْهِيَ إلَى الْقَاضِي، وَحْدَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَحْثِ فَبَحَثَ، وَشَهِدَ بِمَا بَحَثَهُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْأَصْحَابِ فَقَدْ تَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ مُحَقَّقٌ، بَلْ إنْ وَلِيَ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ الْجَرْحَ، وَالتَّعْدِيلَ فَحُكْمُ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ: فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ إنْ أَمَرَهُ بِالْبَحْثِ فَبَحَثَ، وَوَقَفَ عَلَى حَالِ الشَّاهِدِ، وَشَهِدَ بِهِ فَالْحُكْمُ أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ: لَكِنْ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِمُرَاجَعَةِ مُزَكِّيَيْنِ، وَإِعْلَامِهِ مَا عِنْدَ هُمَا فَهُوَ رَسُولٌ مَحْضٌ فَلْيَحْضُرَا، وَيَشْهَدَا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ شَاهِدَ الْفَرْعِ لَا يُقْبَلُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ انْتَهَى، وَقَدْ رُفِعَ بِذَلِكَ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْحُكْمَ بِقَوْلِ الْمُزَكِّيَيْنِ، أَوْ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُزَكِّي) إلَى قَوْلِهِ: وَمِثْلُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَمَحَلُّهُ إلَى الْمَتْنِ، وَإِلَى قَوْلِهِ: نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَرْسُولُ إلَيْهِ) صَوَابُهُ، وَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمَفْعُولِ مِنْ غَيْرِ الثَّلَاثِي لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ كَشَاهِدٍ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ شَهَادَةِ الْأَبِ بِتَعْدِيلِ الِابْنِ، وَعَكْسُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا يُشْتَرَطُ إلَخْ.) أَيْ: مِنْ إسْلَامٍ، وَتَكْلِيفٍ، وَحُرِّيَّةٍ، وَذُكُورَةٍ، وَعَدَالَةٍ، وَعَدَمِ عَدَاوَةٍ فِي جَرْحٍ، وَعَدَمِ بُنُوَّةٍ، أَوْ أُبُوَّةٍ فِي تَعْدِيلٍ. اهـ. زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ: إنَّ شَرْطَهُ كَشَرْطِ قَاضٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْمُزَكِّي فِي ذَلِكَ أَيْ: فِي اشْتِرَاطِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ.) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَعَمْ أَفْتَى الْوَالِدُ بِأَنْ يَكْفِيهِ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَالِحٌ لِدِينِهِ، وَدُنْيَاهُ، وَيُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى عَارِفٍ بِصَلَاحِهِمَا إلَخْ.
وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مَا يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إلَخْ. غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِطْلَاقِ أَنْ يَشْهَدَ بِمُطْلَقِ الرُّشْدِ، أَمَّا مَعَ قَوْلِهِ: أَنَّهُ صَالِحٌ لِدِينِهِ، وَدُنْيَاهُ، فَإِنَّهُ تَفْصِيلٌ لَا إطْلَاقٌ. اهـ. وَعَقَّبَهَا سم بِمَا نَصُّهُ، وَأَقُولُ قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يَكُونُ تَفْصِيلًا لَا إطْلَاقًا إذَا صَرَّحَ بِمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الصَّلَاحُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ هَذَا) أَيْ: مَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَيْ: مَا قَالَهُ الْبَعْضُ (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَخِبْرَةِ بَاطِنِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ: خِبْرَتُهُ بَاطِنَ. اهـ. سم أَيْ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ الْمَرْسُولِ إلَيْهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَخِبْرَةِ بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ إلَخْ.) وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْفِسْقِ خَفِيَّةٌ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُزَكِّي حَالَ مَنْ يُزَكِّيهِ، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ خَبِيرٌ بِبَاطِنِ الْحَالِ إلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِمَا فَلْيَحْضُرْ، أَوْ يَشْهَدْ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَا تُقْبَلُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ انْتَهَى قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ أَقُولُ: وَفِي قَوْلِهِمَا فَحُكْمُ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِمَا يُفِيدُ أَنَّ الثُّبُوتَ يَثْقُلُ فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا حَكَمَ نَائِبُ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ بِالْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ ثُمَّ شَافَهَ الْقَاضِيَ، ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ مُحَصِّلُهُ أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي يُشَافِهُهُ بِالثُّبُوتِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَهُ بِخِلَافِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي لِلْقَاضِي. اهـ.
قُلْت، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ هُنَاكَ فَصْلٌ إنْ لَمْ يَحْكُمْ، وَأَنْهَى سَمَاعَ الْحُجَّةِ الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى إلَى قَاضٍ آخَرَ مُشَافَهَةً لَهُ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْحُكْمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إنْهَاءَ سَمَاعِهَا نَقْلٌ لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ، وَكَمَا لَا يُحْكَمُ بِالْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، أَوْ مُكَاتَبَةً جَازَ الْحُكْمُ بِهِ حَيْثُ تَكُونُ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ بِحَيْثُ تُسْمَعُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الْكِتَابِ مَعَ الْحُكْمِ يَجُوزُ، وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِنَائِبِهِ: اسْمَعْ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الدَّعْوَى، وَانْهَهَا إلَيَّ فَفَعَلَ فَالْأَشْبَهُ الْجَوَازُ أَيْ: جَوَازُ حُكْمِ مُنِيبِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ تَجْوِيزَ النِّيَابَةِ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالنَّائِبِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الِاعْتِدَادَ بِسَمَاعِهَا بِخِلَافِ سَمَاعِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ، وَبِهِ يَتَّضِحُ أَنَّ الْإِشْكَالَ فِيمَا ذُكِرَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَكْفِيهِ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ صَالِحٌ إلَخْ.) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى مَنْ يَعْرِفُ إلَخْ.) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ إلَخْ.) غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِطْلَاقِ أَنْ يَشْهَدَ بِمُطْلَقِ الرُّشْدِ أَمَّا مَعَ قَوْلِهِ: إنَّهُ صَالِحٌ لِدِينِهِ، وَدُنْيَاهُ، فَإِنَّهُ تَفْصِيلٌ لَا إطْلَاقٌ ش م ر وَأَقُولُ قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يَكُونُ تَفْصِيلًا لَا إطْلَاقًا إذَا صَرَّحَ بِمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الصَّلَاحُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: أَيْ: