أَوْ قَرْضِهَا ثُمَّ إبْرَاؤُهَا (أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مَنْدُوبٍ) كَنَافِلَةٍ (أَوْ فِعْلٍ مَكْرُوهٍ) كَاسْتِعْمَالِ مُتَشَمِّسٍ (سُنَّ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنَّمَا «أَقَرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَعْرَابِيَّ عَلَى قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أُنْقِصُ» ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَضَمَّنَتْ طَاعَةً وَهُوَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ (أَوْ) عَلَى فِعْلِ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكِ مَكْرُوهٍ كُرِهَ حِنْثُهُ، أَوْ عَلَى (تَرْكِ مُبَاحٍ أَوْ فِعْلِهِ) كَدُخُولِ دَارٍ وَأَكْلِ طَعَامٍ كَلَا تَأْكُلْهُ أَنْتَ وَكَلَا آكُلُهُ أَنَا، وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ يُسَنُّ الْأَكْلُ فِي الثَّانِيَةِ ضَعِيفٌ، وَذِكْرُ لَا تَأْكُلْهُ أَنْتَ هُوَ مَا وَقَعَ لِشَارِحٍ، وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُنْدَبُ إبْرَارُ الْحَالِفِ بِشَرْطِهِ، (فَالْأَفْضَلُ تَرْكُ الْحِنْثِ) إبْقَاءً لِتَعْظِيمِ الِاسْمِ، نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ تَعَلُّقُ غَرَضٍ دِينِيٍّ بِفِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ كَلَا يَأْكُلُ طَيِّبًا أَوْ لَا يَلْبَسُ نَاعِمًا فَإِنْ قَصَدَ التَّأَسِّي بِالسَّلَفِ أَوْ الْفَرَاغَ لِلْعِبَادَةِ فَهِيَ طَاعَةٌ فَيُكْرَهُ الْحِنْثُ فِيهَا، وَإِلَّا فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ فَيُنْدَبُ فِيهَا الْحِنْثُ، (وَقِيلَ) : الْأَفْضَلُ (الْحِنْثُ) لِيَنْتَفِعَ الْمَسَاكِينُ بِالْكَفَّارَةِ.

وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَذًى لِلْغَيْرِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَلْبَسُ كَذَا، وَنَحْوُ صَدِيقِهِ يَكْرَهُهُ، كَانَ الْأَفْضَلُ الْحِنْثَ قَطْعًا. (تَنْبِيهٌ)

قَالَ الْإِمَامُ لَا يَجِبُ الْيَمِينُ مُطْلَقًا، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِوُجُوبِهَا فِيمَا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالنَّفْسِ وَالْبُضْعِ إذَا تَعَيَّنَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ، قَالَ: بَلْ الَّذِي أَرَاهُ وُجُوبُهَا لِدَفْعِ يَمِينِ خَصْمِهِ الْغَمُوسِ عَلَى مَالٍ، وَإِنْ أُبِيحَ بِالْإِبَاحَةِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ فِي الْأَخِيرِ عَدَمُ الْوُجُوبِ.

(وَلَهُ) أَيْ: الْحَالِفِ بَعْدَ الْيَمِينِ (تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى حِنْثٍ جَائِزٍ) أَيْ: غَيْرِ حَرَامٍ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِصَاحِبِ الْمُغْنِي صُورَتَهَا أَقُولُ فِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ وَلَوْ أَعْطَاهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ أَقْرَضَهَا لَا يَسْقُطُ وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالْإِنْفَاقُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ لِذَلِكَ بِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ إذَا أَقْرَضَهُ اسْتَغْنَى فَسَقَطَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ لَهُ مَنْدُوحَةٌ بِأَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ: لَا بِنَفْسِي وَلَا بِوَكِيلِي فَلَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ انْتَهَتْ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ قَرْضِهَا ثُمَّ إبْرَاؤُهَا) عَطْفٌ عَلَى إعْطَاؤُهَا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَوْ يُقْرِضُهَا ثُمَّ يُبْرِئُهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: كَنَافِلَةٍ) أَيْ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَلَا تَأْكُلُهُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: وَوَقَعَ إلَى لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَقَرَّ) إلَى قَوْلِهِ كَلَا تَأْكُلُهُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا) أَيْ: الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَمِينَهُ إلَخْ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى قَوْلِهِ: لَا أَزِيدُ فَكَانَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ سم وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا أَزِيدُ مِمَّا لَا يُشْرَعُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ اهـ. (قَوْلُهُ: كَدُخُولِ دَارٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِفِعْلٍ مُبَاحٍ، وَقَوْلُهُ: كَلَا تَأْكُلُهُ إلَخْ مِثَالٌ لِتَرْكِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى الْعَطْفَ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: لَا آكُلُهُ أَنَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ إلَخْ) قَدْ يُصَدَّقُ حِينَئِذٍ أَنَّ تَرْكَ الْحِنْثِ أَفْضَلُ فَلَا غَفْلَةَ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: إبْقَاءً) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ قِيلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ غَيْرُ حَرَامٍ إلَى لِلْخَبَرِ، وَقَوْلُهُ: وَمَرَّ إلَى أَمَّا الصَّوْمُ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ حَلَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَأَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَقَارِبِهِ أَوْ صَدِيقٍ يُكْرَهُ ذَلِكَ فَالْأَفْضَلُ الْحِنْثُ قَطْعًا، وَعَقْدُ الْيَمِينِ عَلَى ذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِلَا شَكٍّ، وَكَذَا حُكْمُ الْأَكْلِ وَاللُّبْسِ. (تَنْبِيهٌ)

قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُغَيِّرُ حَالَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَمَّا كَانَ وُجُوبًا وَتَحْرِيمًا وَنَدْبًا وَكَرَاهَةً وَإِبَاحَةً، لَكِنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ فِي الْمُبَاحِ: الْأَفْضَلُ تَرْكُ الْحِنْثِ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ؛ وَلِذَلِكَ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهِ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَصْلًا لَا عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَنْكَرَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَقَالَ: إذَا كَانَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ وَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ فَإِنْ عَلِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ فَيُخَيَّرُ إنْ شَاءَ حَلَفَ، وَإِنْ شَاءَ نَكَلَ، وَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ فَإِنْ كَانَ يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فَيَتَخَيَّرُ أَيْضًا وَإِلَّا فَاَلَّذِي أَدَّاهُ وُجُوبُ الْحَلِفِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ كَذِبِ الْخَصْمِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلدَّفْعِ عَنْهُ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ حَلَّفَ خَصْمَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ لَا يَحْلِفُ تَخَيَّرَ هُوَ بَيْنَ الْحَلِفِ وَتَرْكِهِ سم.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ أَيْ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ الْحَلِفِ وَالتَّحْلِيفِ وَرَفْعِ الْمُطَالَبَةِ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي الْأَخِيرِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَعَيُّنِهِ. اهـ وَلْيُتَأَمَّلْ حَاصِلُ مَا فِيهَا ثُمَّ الَّذِي يَظْهَرُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ فَمَنْ يَسْتَشْعِرُ مِنْ نَفْسِهِ طِيبَتَهَا بِالْإِبَاحَةِ وَالْإِسْقَاطِ بَاطِنًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ تَخْلِيصًا لِلْغَرِيمِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ إذْ لَا يَحِلُّ بَاطِنًا إلَّا مَعَ طِيبَةِ النَّفْسِ كَالْمَدْفُوعِ لِفَقِيرٍ لِنَحْوِ حَيَاءٍ انْتَهَى. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْيَمِينِ) فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فَلَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ قَبْلَ دُخُولِهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ بَعْدُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِغَيْرِ صَوْمٍ) مِنْ عِتْقٍ أَوْ إطْعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى حِنْثٍ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ تَقْدِيمِهَا عَلَى الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا مُقَارَنَتُهَا لِلْيَمِينِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَعْتِقُ عَنْهَا مَعَ شُرُوعِهِ فِي الْيَمِينِ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ حَرَامٍ إلَخْ) ، عِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَاجِبٌ أَوْ

ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ يَلْزَمَهُ الدَّفْعُ، وَإِنْ حَنِثَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَقَرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَعْرَابِيُّ عَلَى قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ) عَمَّا لَا يُشْرَعُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُنْدَبُ إلَخْ) قَدْ يُصَدَّقُ حِينَئِذٍ أَنَّ تَرْكَ الْحِنْثِ أَفْضَلُ فَلَا غَفْلَةَ.

(قَوْلُهُ: إذَا تَعَيَّنَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ حَلَفَ خَصْمُهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ لَا يَحْلِفُ تَخَيَّرَ هُوَ بَيْنَ الْحَلِفِ وَتَرْكِهِ عَلَى حِنْثٍ حَائِزٍ، وَخَرَجَ بِالْحِنْثِ الْيَمِينُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015