وَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْيَمِينَ فَوَاضِحٌ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهَا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ وَلَا تُقْبَلُ ظَاهِرًا دَعْوَى اللَّغْوِ فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ إيلَاءٍ كَمَا مَرَّ.
(وَتَصِحُّ) الْيَمِينُ (عَلَى مَاضٍ) كَمَا فَعَلْت كَذَا أَوْ فَعَلْته إجْمَاعًا (وَ) عَلَى (مُسْتَقْبَلٍ) كَلَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُهُ؛ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا» ، (وَهِيَ) أَيْ الْيَمِينُ (مَكْرُوهَةٌ) {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] أَيْ: لَا تُكْثِرُوا مِنْ الْحَلِفِ بِهِ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ: «إنَّمَا الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ» ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ.
(إلَّا فِي طَاعَةٍ) مِنْ فِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ وَتَرْكِ حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ فَطَاعَةٌ اتِّبَاعًا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ: «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا» ، وَإِلَّا لِحَاجَةٍ كَتَوْكِيدِ كَلَامٍ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَوَاَللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» أَوْ تَعْظِيمِ أَمْرٍ كَقَوْلِهِ «وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» ، وَإِلَّا فِي دَعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ فَلَا يُكْرَهُ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَنُّ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ النَّدْبُ فِي الْأَوَّلَيْنِ إنْ كَانَا دَيْنَيْنِ كَمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ، وَفِي الْأَخِيرِ إنْ قَصَدَ صَوْنَ الْمُسْتَحْلَفِ لَهُ عَنْ الْحَرَامِ لَوَرَدَ عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَتَعَفُّفُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَتَحْلِيلُهُ أَكْمَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ عَصَى) بِالْحَلِفِ، نَعَمْ لَا يَعْصِي مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ عَلَى الْكِفَايَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَوْ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ كَالْقَوَدِ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ كَمَا بَحَثَهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَاسْتُدِلَّ لِثَانِيهِمَا بِقَوْلِ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ: وَاَللَّهِ لَا تَنْكَسِرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ، (وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَعْصِيَةٌ (وَكَفَّارَةٌ) ، وَمِثْلُهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَصُومَنَّ الْعِيدَ فَيَلْزَمُهُ الْحِنْثُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، لَكِنْ مَعَ غُرُوبِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرَ الْحِنْثِ كَلَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إذْ يُمْكِنُهُ إعْطَاؤُهَا مِنْ صَدَاقِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَا أَقَرَّهُ الْمُغْنِي كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي مِنْ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ دَخَلَ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْيَمِينَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: فَتَنْعَقِدُ مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَهُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ بَاطِنًا هـ ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: مَا مَرَّ فِي شَرْحٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَخْ مِنْ أَنَّهُ إنَّ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: الْيَمِينَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ تُرِكَ مَنْدُوبٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَرُوِيَ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: بَلْ قَالَ: إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَاسْتُدِلَّ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلْت) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ تُرِكَ مَنْدُوبٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: لَا تُكْثِرُوا إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: لَكِنْ إلَى وَلَوْ كَانَ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا حَلَفْت بِاَللَّهِ صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: لَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بَعْدَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي. (تَنْبِيهٌ)
كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ إذْ مِنْهَا مَعْصِيَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُبَاحٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَقَدْ تَجِبُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لِحَاجَةٍ) أَيْ: فَلَا تُكْرَهُ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فِي دَعْوَى إلَخْ) يُوَضِّحُ الْمُرَادَ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَفِي الْأَخِيرِ إلَخْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: فَلَا تُكْرَهُ) أَيْ: إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى صِدْقًا اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ: التَّوْكِيدِ وَالتَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: وَتَحْلِيلُهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ التَّحْلِيلُ فِي الْعَيْنِ إمَّا بِالْإِبْرَاءِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَيَقَعُ الْمُسْتَحْلَفُ فِي الْمَعْصِيَةِ بِالتَّصَرُّفِ، وَإِمَّا بِالتَّمْلِيكِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَقَدْ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ مُحِقٌّ، وَإِمَّا بِالْإِبَاحَةِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ التَّصَرُّفَ التَّامَّ فَلْيُتَأَمَّلْ، نَعَمْ يُتَصَوَّرُ تَمْلِيكُهُ مِلْكًا تَامًّا بِنَذْرٍ لَهُ بِهِ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَحُكْمُهُ وَاضِحٌ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ حَرَامٍ أَطَاعَ بِالْيَمِينِ وَعَصَى بِالْحِنْثِ وَعَلَيْهِ بِهِ الْكَفَّارَةُ. اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا عَلَى لَمْ يَتَعَيَّنْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الصُّورَةِ الْأُولَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى الْوَاجِبُ الَّذِي يُمْكِنُ سُقُوطُهُ كَالْقِصَاصِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ بِالْعَفْوِ، الثَّانِيَةُ الْوَاجِبُ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي عَلَى فُلَانٍ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْصِي بِهَذَا الْحَلِفِ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ) الرُّبَيِّعُ اسْمُ امْرَأَةٍ وَجَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِجِنَايَةٍ مِنْهَا اهـ ع ش. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ) اُنْظُرْ مَتَى يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ فِي فِعْلِ الْحَرَامِ هَلْ هُوَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِعَزْمِهِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَلَكِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَالنَّدَمُ عَلَى الْحَلِفِ لِيَخْلُصَ بِذَلِكَ مِنْ الْإِثْمِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَجِّلَهَا بَعْدَ الْحَلِفِ مُسَارَعَةً لِلْخَيْرِ مَا أَمْكَنَ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَهُ) أَيْ: فَيَتَبَيَّنُ عَجْزُهُ عَنْهُ فَلَا حِنْثَ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ صَدَاقِهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ النَّفَقَةَ مَعَ ذَلِكَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَتَتَّضِحُ فَائِدَةُ هَذَا الطَّرِيقِ فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْإِنْفَاقِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَيَرْتَكِبُ هَذَا الطَّرِيقَ إلَى انْقِضَائِهَا حَتَّى لَا يَحْنَثَ، بَقِيَ إذَا طَالَبَتْهُ بِخُصُوصِ النَّفَقَةِ وَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبُولِ الْقَرْضِ وَقَبُولِ الصَّدَاقِ، أَوْ طَالَبَتْهُ بِهِ أَيْضًا وَكَانَ قَادِرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الدَّفْعُ، وَإِنْ حَنِثَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ وَلْيُتَأَمَّلْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ فِيهِ سُقُوطٌ لِلْوَاجِبِ فَهُوَ مَعَ مَا ذُكِرَ آثِمٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ
نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِي التَّصْوِيرِ إبْرَاؤُهَا مِنْ نَفَقَةِ كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا، وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا يَرْفَعُ إثْمَ التَّأْخِيرِ، نَعَمْ إنْ نَذَرَتْ لَهُ بِنَفَقَتِهَا سَقَطَ الْإِثْمُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ فَإِنَّ النَّذْرَ يَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ وَيَقْبَلُ الْجَهَالَةَ ثُمَّ رَأَيْت فِي تَعْلِيقَةٍ مَنْسُوبَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى ذَلِكَ
. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي دَعْوَى إلَخْ) يُوَضِّحُ الْمُرَادَ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَفِي الْأَخِيرِ إلَخْ
. (قَوْلُهُ: أَوْ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ) كَالْقَوَدِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَعْصِي إنْ قَصَدَ بِالْحَلِفِ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ مُسْتَحِقُّهُ مِنْ الْعَفْوِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْحِنْثُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَنَاوُلِ الصَّوْمِ فِي الْإِثْبَاتِ لِلصَّوْمِ الْفَاسِدِ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا لَا يَقْبَلُهُ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَهُ) أَيْ: فَيَتَبَيَّنُ عَجْزَهُ عَنْهُ فَلَا حِنْثَ إذْ يُمْكِنُهُ إعْطَاؤُهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ صَدَاقِهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ النَّفَقَةَ مَعَ ذَلِكَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَيَتَّضِحُ فَائِدَةُ هَذَا الطَّرِيقِ فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْإِنْفَاقِ مُدَّةً عَيَّنَهَا فَيُرْتَكَبُ هَذَا الطَّرِيقُ إلَى انْقِضَائِهَا حَتَّى لَا يَحْنَثَ بَقِيَ إذَا طَالَبَتْهُ بِخُصُوصِ النَّفَقَةِ وَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبُولِ الْقَرْضِ وَقَبُولِ الصَّدَاقِ أَوْ طَالَبَتْهُ بِهِ أَيْضًا وَكَانَ قَادِرًا فَيَنْبَغِي