فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ الْمُقَيَّدِ أَنَّ قَيْدَهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ وَحَلَفَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَحِلُّهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ فَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّ الْقَيْدَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ فَحُكِمَ بِعِتْقِهِ ثُمَّ حَلَّهُ فَوَجَدَ وَزْنَهُ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ بِالْحَلِّ؛ لِأَنَّهُ حَلَّ مُخْتَارًا لِظَنِّهِ عِتْقَهُ بِالشَّهَادَةِ وَقَدْ بَانَ خَطَؤُهُ مَعَ تَقْصِيرِهِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَحِلَّهُ حَتَّى يَحِلَّهُ الْحَاكِمُ، وَيَظْهَرَ صِدْقُهُ. انْتَهَى.
فَإِنْ قُلْت لَيْسَ هُنَا حَاكِمٌ حَكَمَ عَلَيْهِ بِحَلِّهِ فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ قُلْت مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ حَلَّهُ لَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْدُوحَةٌ حِينَئِذٍ وَمِثْلُ حَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ أَلْزَمَ السَّيِّدَ بِحَلِّهِ وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ امْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالتَّقْصِيرِ مَعَ ظَنِّهِ الْعِتْقَ بِالشَّهَادَةِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِجَهْلِ الْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ آخِرَ الْبَابِ وَلَا بِالْجَهْلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إذَا نُسِبَ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ وَالْمُرَادُ بِالْحَلِفِ بِعِتْقِهِ تَعْلِيقُهُ عَلَيْهِ لِمَا يَأْتِي فِي النَّذْرِ فِي وَالْعِتْقِ أَوْ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا أَنَّهُ لَغْوٌ بِشَرْطِهِ، وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِي أَنَّا حَيْثُ أَلْحَقْنَا حُكْمَ الْحَاكِمِ بِالْإِكْرَاهِ هَلْ يُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي ظَالِمٍ لَا يَمْتَثِلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فَعَلَ ذَلِكَ لِدَاعِيَةِ امْتِثَالِ الشَّرْعِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قُدْرَةِ الْحَاكِمِ عَلَى إجْبَارِهِ عَلَيْهِ حِسًّا لَوْ امْتَنَعَ، وَإِنْ لَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرُونَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ فَحَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ بِأَدَائِهِ لَا يَحْنَثُ، وَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ.
(وَشَرْطُ) حُصُولِ (الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (عَلَى تَحْقِيقِ مَا) أَيْ مُؤْذٍ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ (هَدَّدَ) الْمُكْرَهَ (بِهِ) عَاجِلًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ (بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ) أَوْ فَرْطِ هُجُومٍ (وَعَجْزُ الْمُكْرَهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عَنْ دَفْعِهِ بِهَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَالِاسْتِغَاثَةِ (وَظَنُّهُ) بِقَرِينَةِ عَادَةٍ مَثَلًا (أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ حَقَّقَهُ) أَيْ فَعَلَ مَا خَوَّفَهُ بِهِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ بِدُونِ اجْتِمَاعِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ قَوْلُهُ: لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ طَلِّقْهَا، وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك كَمَا مَرَّ وَبِعَاجِلًا لَأَقْتُلَنَّكَ غَدًا فَيَقَعُ فِيهِمَا، وَإِنْ عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ الْمُطَّرِدَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ الْآنَ تَحَقَّقَ الْقَتْلُ غَدًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ بَقَاءَهُ لِلْغَدِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِلْجَاءُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ خَوَّفَ آخَرَ بِمَا يَحْسَبُهُ مُهْلِكًا أَيْ فَبَانَ خِلَافُهُ وَلِلْإِمَامِ فِيهِ احْتِمَالَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ صَلَّوْا لِسَوَادٍ ظَنُّوهُ عَدُوًّا قَالَ فِي الْبَسِيطِ لَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهُ سَاقِطُ الِاخْتِيَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ مَفْعُولُ حَلَفَ (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ إلَخْ) أَيْ بِعِتْقِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ بِالْحَلِّ. اهـ سم (قَوْلُهُ: فَحَكَمَ) أَيْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَّهُ إلَخْ أَيْ السَّيِّدُ الْحَالِفُ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ إلَخْ) جَوَابُ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ بِالْحَلِّ إلَخْ) مَقُولُ قَالَا.
(قَوْلُهُ: خَطَؤُهُ) أَيْ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْذَرُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَسْأَلَةُ الْقَيْدِ هَذِهِ تُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوَسُّطِ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ صِدْقُهُ) أَيْ الْحَالِفِ فِي الْحَلِفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مِمَّا نَحْنُ فِيهِ) أَيْ الْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي فِيهِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ فِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَفْهُومَهُ) أَيْ مَفْهُومَ قَوْلِ ابْنِ الصَّبَّاغِ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَحِلَّهُ حَتَّى يَحِلَّهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: لَا حِنْثَ) أَيْ لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ حَلِّهِ) أَيْ الْحَاكِمِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ وَكَذَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي أَلْزَمَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ هَذَا الْأَخْذُ بِأَنَّ الْحِنْثَ هُنَا لِتَقْصِيرِهِ فَلَمْ يُعْذَرْ بِالْجَهْلِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِجَهْلِ الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ الْحَلِفِ، وَهُوَ الْحِنْثُ أَيْ الْعِتْقُ بِفِعْلِهِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْحَلِفِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا نَقَلَاهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ (قَوْلُهُ: تَعْلِيقُهُ) أَيْ الْعِتْقِ عَلَيْهِ أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي النَّذْرِ) أَيْ فِي أَوَائِلِ بَابِهِ. وَقَوْلُهُ: فِي وَالْعِتْقِ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي النَّذْرِ وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ أَيْ الْحَلِفَ فِي قَوْلِهِ وَالْعِتْقِ لَا أَفْعَلُ أَوْ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ، وَهُوَ عَدَمُ نِيَّةِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: قُدْرَتُهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) مِنْهُ يَظْهَرُ إشْكَالُ قَوْلِهِ السَّابِقِ قَبْلَ فَإِنْ ظَهَرَ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَجْبَرَهُ عَلَى كَلَامِهِ، وَإِنْ زَالَ الْهَجْرُ قَبْلَهُ إلَخْ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْفَرْضِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الْفِعْلُ لِدَاعِيَةِ امْتِثَالِ الشَّرْعِ إذْ الشَّرْعُ لَا يُلْزِمُ بِمَا زَادَ عَلَى مَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُرَادَ فِي هَذَا السَّابِقِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَجْبَرَهُ حِسًّا. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: حُصُولِ الْإِكْرَاهِ إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ) فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ فَرْطِ هُجُومٍ، وَإِلَى قَوْلِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: هَدَّدَ الْمُكْرَهَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ: عَاجِلًا أَيْ تَهْدِيدًا عَاجِلًا (قَوْلُ الْمَتْنِ بِوِلَايَةٍ) مِنْهُ الْمُشِدِّ الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ الْمُلْتَزِمِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْطِ هُجُومٍ) قَدْ يَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَهُ. اهـ. سم وَلَعَلَّ لِهَذَا أَسْقَطَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ ظَنُّهُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ فَعَلَ إلَخْ) بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ تَفْسِيرٌ لِحَقَّقَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بِدُونِ اجْتِمَاعِ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إلَّا بِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ ظَهَرَ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِعَاجِلًا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَأَقْتُلَنَّكَ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ: ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ) غَايَةٌ لِلثَّانِي فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ) أَيْ الْعُمُومُ الْمَذْكُورُ وَكَذَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي يُوَجَّهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ بَقَاءَهُ) أَيْ الْآمِرِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ خَوَّفَ آخَرَ) فِعْلٌ وَمَفْعُولٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ نَاشِئَانِ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَحَلَفَ) أَيْ بِعِتْقِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ بِالْحَلِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِجَهْلِ الْحُكْمِ) قَدْ يُمْنَعُ هَذَا الْأَخْذُ بِأَنَّ الْحِنْثَ هُنَا لِتَقْصِيرِهِ فَلَمْ يُعْذَرْ بِالْجَهْلِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) مِنْهُ يَظْهَرُ إشْكَالُ قَوْلِهِ السَّابِقِ قَبْلَ فَإِنْ ظَهَرَ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَجْبَرَهُ عَلَى كَلَامِهِ، وَإِنْ زَالَ الْهَجْرُ قَبْلَهُ إلَخْ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْفَرْضِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الْفِعْلُ لِدَاعِيَةِ امْتِثَالِ الشَّرْعِ إذْ الشَّرْعُ لَا يُلْزِمُ بِمَا زَادَ عَلَى مَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ فَلْيُتَأَمَّلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ فِي هَذَا السَّابِقِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَجْبَرَهُ حِسًّا.
(قَوْلُهُ: أَوْ فَرَّطَ إلَخْ) قَدْ يَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَهُ.