؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي حَلِفٍ يَتَضَمَّنُ الْحَثَّ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَجْلِ الْحَلِفِ كَالْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَسْأَلَتُنَا الْحَلِفُ فِيهَا يَتَضَمَّنُ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ الْفِعْلِ؛ لِأَجْلِ الْحَلِفِ وَلَمْ يَقُولُوا بِأَنَّ إيجَابَ الشَّرْعِ فِيهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةِ الْإِكْرَاهِ بَلْ صَرَّحُوا فِي لَا أُفَارِقُك فَأَفْلَسَ فَفَارَقَهُ مُخْتَارًا حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ فِرَاقُهُ لَهُ وَاجِبًا وَلَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لِلْإِسْنَوِيِّ ذَلِكَ ادَّعَى أَنَّ كَلَامَهُمَا مُتَنَاقِضٌ. انْتَهَى.
وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَثِّ وَالْمَنْعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ كَمَا مَنَعَهُ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي حَثَّ نَفْسَهُ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ كَذَلِكَ أَلْزَمَهُ بِالْفِعْلِ الَّذِي مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ فِي الثَّانِي فَهُوَ مُكْرَهٌ فِيهِمَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ إثْبَاتٌ، وَهُوَ لَا عُمُومَ فِيهِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْيَمِينُ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ بِالنَّصِّ.
وَالثَّانِي فِيهِ نَفْيٌ، وَهُوَ لِلْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ كَالنَّكِرَةِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا فَفِيهِ الْحَلِفُ عَلَى كُلِّ جُزْئِيَّةٍ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمُفَارَقَةِ بِالْمُطَابَقَةِ فَصَارَ حَالِفًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ هُنَا قَصْدًا فَحَنِثَ كَمَا مَرَّ فِي لَيَعْصِيَنَّ اللَّهَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْفَرْضَ فَتَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ، وَإِلَّا فَاجْتِهَادُهُ يُصَيِّرُهُ جَاهِلًا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ الشَّرْعِيِّ فِي شَيْءٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَمُحْتَمَلٌ بَلْ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ انْبِهَامَ جِهَةٍ غَيْرِ الْقِبْلَةِ عَلَيْهِ حَالَةَ الصَّلَاةِ يُصَيِّرُهُ جَاهِلًا عِنْدَ التَّوَجُّهِ إلَى كُلِّ جِهَةٍ بِأَنَّهَا غَيْرُ الْقِبْلَةِ وَعِلْمُهُ بَعْدُ لَا يَنْفِي جَهْلَهُ حَالَةَ الْفِعْلِ وَالْعِبْرَةُ بِهَذَا دُونَ مَا بَعْدُ وَمَا قَبْلُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ كُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرُ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ مَا قَرَّرْته أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْجَهْلِ إنَّمَا هُوَ بِجَهْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفِعْلِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِعَيْنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ التَّوَجُّهِ إلَى كُلِّ جِهَةٍ، وَجَعَلَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهِيَ لِغَيْرِهِ أَيْ الَّذِي لَا يَعْلَمُ رِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِهَا شَرْعًا، وَيَرُدُّهُ أَنَّ هَذَا حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ قَصْدًا فَلَا إكْرَاهَ فِيهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ الْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ رِضَاهُ بِدُخُولِهِ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، وَأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ اُتُّجِهَ مَا قَالَهُ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ أَخَذْت حَقَّك مِنَى فَأَنْتَ طَالِقٌ فَأَعْطَاهُ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ كَانَ إكْرَاهًا مَعَ رَدِّ مَا لِلزَّرْكَشِيِّ فِيهِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ إجْبَارَ الْحَاكِمِ عَلَى فِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْهُ لِقَوْلِهِمْ: لَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظَةً وَحَلْفُهَا حِنْثٌ لِإِمْكَانِ التَّخَلُّصِ مِنْهَا بِأَدَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُنَا لَا بُدَّ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى التَّوْكِيلِ فَتَرْكُهُ تَقْصِيرٌ فَيَحْنَثُ بِهِ قَالَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ؛ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ تَنْزِيلَ الْإِيجَابِ الشَّرْعِيِّ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ الْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ: كَالْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ فِي أَوَّلِ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَسْأَلَتُنَا) أَيْ الْحَلِفُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُولُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ التَّنْزِيلِ بِالْحَثِّ عَلَى الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: أَنَّ كَلَامَهُمَا) أَيْ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي تَيْنِكَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. اهـ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مِنْ الْأَوَّلِ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ زَيْدًا حَقَّهُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بِصُورَةِ إنْ لَمْ أَقْضِهِ إلَخْ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ وَمِنْ الثَّانِي حَلَفَ لَا يُصَلِّي إلَخْ، وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَةِ إنْ صَلَّيْت إلَخْ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ نَفْيٌ وَالثَّانِيَ إثْبَاتٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَوَّلِ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ أَيْ بِلَفْظِ لَأَقْضِيَنَّ وَمُرَادُهُ بِالثَّانِي لَا أُفَارِقُك فَأَفْلَسَ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا الْبَعْضُ الْمُشَارُ إلَيْهِ لِإِثْبَاتِ مَا اخْتَارَهُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَعِبَارَةُ سم وَالْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَيْ الْحَثَّ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِيَ أَيْ الْمَنْعُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَفِيهِ) أَيْ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ) أَيْ بِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَقَوْلُهُ: الْفَرْضَ أَيْ الْغَيْرَ الْفَرْضِيِّ الِاحْتِمَالِيِّ وَقَوْلُهُ: فَتَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ أَيْ؛ لِأَنَّ كُلَّ جِهَةٍ يُصَلِّي إلَيْهَا بِالِاجْتِهَادِ يَصِحُّ أَنْ يَفْرِضَ أَنَّهَا قِبْلَةٌ فَلَا يُمْكِنُ فَرْضُ أَنَّهَا غَيْرُ قِبْلَةٍ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ أَرَادَ الْغَيْرَ الْحَقِيقِيَّ وَقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى أَيْ قَوْلِهِ إنْ أَرَادَ الْفَرْضَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي أَيْ قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ. اهـ. كُرْدِيٌّ وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَذْكِيرَ الْأُولَى أَوْ تَأْنِيثُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ وَاضِحٌ) أَيْ لِتَحَقُّقِ احْتِمَالِ الْقِبْلَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الدَّارُ لِغَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْحَالِفِ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي لَا يَعْلَمُ رِضَاهُ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَامْتَنَعَ مَالِكُهَا مِنْ بَيْعِهَا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ، وَيَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ وَلَوْ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ أَرَادَ الْخُلُوصَ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ الْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْحِسِّيِّ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي مَسْأَلَةِ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ زَيْدًا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَزْيَدَ إلَخْ أَيْ إنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ بِذَلِكَ مَالِكُ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْجَعْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ) أَيْ ذَلِكَ الْجَعْلَ (قَوْلُهُ: فَلَا إكْرَاهَ إلَخْ) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) يَعْنِي مَسْأَلَةَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ وَمَسْأَلَةَ لَا أُفَارِقُك (قَوْلُهُ: مَا قَالَهُ) أَيْ كَوْنَهُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ.
(قَوْلُهُ: بِمَا حَاصِلُهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلْحَالِفِ وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ عَنْ فِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِمْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحَلْفُهَا) أَيْ الْقَاضِي الْيَمِينَ الْمُغَلَّظَةَ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْيَمِينِ الْمُغَلَّظَةِ (قَوْلُهُ: بِأَدَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَاطِلًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَجْلِ التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ أَخَذْت حَقَّك مِنِّي إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يُجْبِرَ أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَتَرْكُهُ) أَيْ التَّوْكِيلِ وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ بِالْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: قَالَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ فِيمَنْ حَلَفَ إلَخْ) أَيْ قَالَا فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ إلَخْ حَالَ كَوْنِ هَذَا التَّعْلِيلِ مَنْقُولًا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ (قَوْلُهُ: بِعِتْقِ عَبْدِهِ إلَخْ) سَيَأْتِي بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْحَلِفِ بِعِتْقِهِ. اهـ سم (قَوْلُهُ: الْمُقَيَّدِ) صِفَةُ عَبْدِهِ وَقَوْلُهُ: أَنَّ قَيْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ الْحَثَّ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَيْ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ إلَخْ) وَسَيَأْتِي آنِفًا بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْحَلِفِ بِعِتْقِهِ