وَكَذَا فِي إكْرَاهِ الْقَاضِي لِلْمُولِي بِشَرْطِهِ الْآتِي وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ، وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ نَعَمْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَةِ نَفْسِهِ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ وَكَذَا إذَا نَوَى الْمُكْرَهُ الْإِيقَاعَ لَكِنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُكْرَهٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ ظَهَرَ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ بِأَنْ) هِيَ بِمَعْنَى كَأَنْ (أُكْرِهَ) عَلَى طَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهِمًا فَعَيَّنَ أَوْ مُعَيِّنًا فَأَبْهَمَ أَوْ (عَلَى ثَلَاثٍ فَوَحَّدَ أَوْ صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَكَنَى أَوْ نَجَّزَ أَوْ عَلَى) أَنْ يَقُولَ (طَلَّقْت فَسَرَّحَ أَوْ بِالْعُكُوسِ) أَيْ عَلَى وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ أَوْ كِنَايَةٍ فَصَرَّحَ أَوْ تَنْجِيزٍ فَعَلَّقَ أَوْ تَسْرِيحٍ فَطَلَّقَ (وَقَعَ) ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ لِمَا أَتَى بِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ نِيَّتَهُ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي مَعْنَاهُ كَافٍ هُنَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِيقَاعَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يُطَلِّقَ لِدَاعِي الْإِكْرَاهِ وَمَنْ قَصَدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُطَلِّقٍ لِدَاعِيهِ بَلْ هُوَ مُخْتَارٌ لَهُ فَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ نَوَى الْإِيقَاعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَبْعُدْ. اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ: لَوْ قِيلَ إلَخْ ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ إلَّا بِنَقْلٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي إكْرَاهِ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ فَلَفَظَ بِهَا عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَصَوَّرَ الطَّلَاقَ بِحَقٍّ جَمْعٌ بِإِكْرَاهِ الْقَاضِي الْمُولِيَ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ عَلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الثَّلَاثِ فَلَفَظَ بِهَا لَغَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ يَفْسُقُ بِذَلِكَ، وَيَنْعَزِلُ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ الْمُولِي لَا نَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ عَيْنًا بَلْ بِهِ أَوْ بِالْفَيْئَةِ وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ إكْرَاهًا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ فَأَتَى بِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَنْفُذُ أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْمُولِي كَمَا لَوْ أَوْلَى، وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ بِالْمُطَالَبَةِ فَرَفَعَهُ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالْمَسِيرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَضَى مُدَّةُ إمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَسِيرُ إلَيْهَا الْآنَ لَمْ يُمَكَّنْ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ عَيْنًا هَكَذَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي تَفْرِيعًا عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُكْرِهُ الْمُولِيَ عَلَى الْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الَّذِي يُطَلِّقُ عَلَى الْمُولِي الْمُمْتَنِعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ فَلَا إكْرَاهَ أَصْلًا حَتَّى يَحْتَرِزَ عَنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: زَوْجَةِ نَفْسِهِ) أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ: نَوَى الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: هِيَ بِمَعْنَى كَأَنْ) وَالْمُصَنِّفُ يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ كَثِيرًا. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ أُكْرِهَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَوَحَّدَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا وَاحِدَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ قَرِينَةِ الِاخْتِيَارِ بِالْعُدُولِ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ. اهـ. سم (قَوْلُ الْمَتْنِ فَكَنَى) أَيْ وَنَوَى. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: فَكَنَّى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ كَنَّى بِدُونِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ فَالْكِنَايَةُ بِدُونِ النِّيَّةِ لَا أَثَرَ لَهَا سَوَاءٌ وُجِدَ إكْرَاهٌ أَمْ لَا فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَقَعَ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ كَنَّى مَعَ النِّيَّةِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرِهِ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ فَلَا حَاجَةَ فِي الْوُقُوعِ هُنَا إلَى اعْتِبَارِ مُخَالَفَةِ الْمُكْرِهِ بِالْعُدُولِ عَمَّا أَمَرَ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْلِيلِ الْوُقُوعِ بِكُلٍّ مِنْ اخْتِيَارِهِ بِالْعُدُولِ وَاخْتِيَارِهِ بِالنِّيَّةِ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَكَنَى) بِالتَّخْفِيفِ عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْكِنَايَةُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، وَيُرِيدَ غَيْرَهُ وَقَدْ كَنَيْتُ بِكَذَا عَنْ كَذَا وَكَنَوْتُ أَيْضًا كِنَايَةً فِيهِمَا وَكَنَّاهُ أَبَا زَيْدٍ وَبِأَبِي زَيْدٍ تَكْنِيَةً كَمَا تَقُولُ سَمَّاهُ. اهـ. فَجَعَلَ التَّكْنِيَةَ بِمَعْنَى وَضْعِ الْكُنْيَةِ، وَالْكِنَايَةُ بِمَعْنَى التَّكَلُّمِ بِكَلَامٍ يُرِيدُ بِهِ غَيْرَ مَعْنَاهُ وَلَعَلَّ هَذَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهِيَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ فَيَحْتَاجُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ لِنِيَّةِ الْمُرَادِ لِخَفَائِهِ فَهِيَ نِيَّةُ أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ لَا نِيَّةُ مَعْنًى مُغَايِرٍ لِمَدْلُولِهِ. اهـ ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَسَرَّحَ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ قَالَ سَرَّحْتهَا أَوْ وَقَعَ الْإِكْرَاهُ بِالْعُكُوسِ لِهَذِهِ الصُّوَرِ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ إلَخْ وَقَعَ أَيْ الطَّلَاقُ فِي الْجَمِيعِ. اهـ. مُغْنِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَالِمًا بِتَأْثِيرِ الْإِكْرَاهِ أَمْ لَا وَلَوْ قَيَّدَ الْوُقُوعَ فِي صُوَرِ الْعُدُولِ إلَى الْأَخَفِّ كَالْعُدُولِ مِنْ الثَّلَاثِ إلَى الْوَاحِدَةِ بِعِلْمِ تَأْثِيرِ الْإِكْرَاهِ لَمْ يَبْعُدْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ لِمَا أَتَى بِهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ فِيمَا أَتَى بِهِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهَا كَقَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يُطَلِّقَ إلَخْ أَنَّهُ يُدَيَّنُ بَاطِنًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَافٍ هُنَا) أَيْ فِي الْوُقُوعِ لِاخْتِيَارِهِ حِينَئِذٍ. اهـ. سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ) أَيْ شَرْطَ مَنْعِ الْإِكْرَاهِ الْوُقُوعَ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَصَدَ ذَلِكَ) أَيْ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: فَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ نَوَى الْإِيقَاعَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ أُكْرِهَ فَقَصَدَ الْإِيقَاعَ وَقَعَ فَصَرِيحُ لَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ كِنَايَةٌ. اهـ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ، وَيُسْتَثْنَى الْمُكْرَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSكَوْنِ نَفْسِ الْإِكْرَاهِ حَقًّا فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِكْرَاهُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ قَتْلَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَوَحَّدَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا وَاحِدَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ قَرِينَةِ الِاخْتِيَارِ بِالْعُدُولِ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَكَنَى) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ كَنَى بِدُونِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ فَالْكِنَايَةُ بِدُونِ النِّيَّةِ لَا أَثَرَ لَهَا سَوَاءٌ وُجِدَ إكْرَاهٌ أَمْ لَا فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَقَعَ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ كَنَّى مَعَ النِّيَّةِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرِهَ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ وَتَخْصِيصُ قَوْلِهِمْ هَذَا بِالصَّرِيحِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ كَقَوْلِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ وَلَوْ أُكْرِهَ فَقَصَدَ الْإِيقَاعَ وَقَعَ فَصَرِيحُ لَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ كِنَايَةٌ. اهـ. لَا وَجْهَ لَهُ فَلَا حَاجَةَ فِي الْوُقُوعِ هُنَا إلَى اعْتِبَارِ مُخَالَفَةِ الْمُكْرِهِ بِالْعُدُولِ عَمَّا أُمِرَ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي، وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْلِيلِ الْوُقُوعِ بِكُلٍّ مِنْ اخْتِيَارِهِ بِالْعُدُولِ وَاخْتِيَارِهِ بِالنِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: كَافٍ هُنَا) أَيْ فِي الْوُقُوعِ لِاخْتِيَارِهِ حِينَئِذٍ