وَإِنَّمَا يُقَالُ أَكْرَهَهُ حَتَّى أَعْطَاهُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى كَلَامِهِ لَا يَحْنَثُ بِهِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا فَعَلَهُ لِدَاعِيَةِ الْإِكْرَاهِ، وَهُوَ مَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ أَمَّا الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَجْبَرَهُ عَلَى كَلَامِهِ، وَإِنْ زَالَ الْهَجْرُ قَبْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُكْرَهَ بِبَاطِلٍ لَا يَحْنَثُ فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إجْبَارَ الْقَاضِي إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ الْقَاضِي عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَإِنْ تَعَدَّى بِهِ وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَيْضًا «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» وَفَسَّرَهُ كَثِيرُونَ بِالْإِكْرَاهِ كَأَنَّهُ أُغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ أَوْ انْغَلَقَ عَلَيْهِ رَأْيُهُ وَمَنَعُوا تَفْسِيرَهُ بِالْغَضَبِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِ الْغَضْبَانِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا قَبْلَ نَوْمِهِ فَغَلَبَهُ النَّوْمُ بِحَيْثُ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْهُ قَبْلَ غَلَبَتِهِ لَهُ بِوَجْهٍ، أَمَّا الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ كَطَلِّقْ زَوْجَتَك، وَإِلَّا قَتَلْتُك بِقَتْلِك أَبِي فَيَقَعُ مَعَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالظَّاهِرَ الْمُتَبَادَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّعْلِيقُ بِالْإِعْطَاءِ بِقَرِينَةِ أَنَّهَا إنَّمَا تُقَالُ فِي مَقَامِ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَالْعَلَاقَةُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّلَازُمِ غَالِبًا نَعَمْ إنْ فُرِضَ ادِّعَاؤُهُ إرَادَةَ الْحَقِيقَةِ قُبِلَ كَمَا هُوَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ الْمُتَبَادَرَ إلَخْ فِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُقَالُ أَكْرَهَهُ إلَخْ) بَلْ يُقَالُ أَخَذَ مِنْهُ كَرْهًا. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى كَلَامِهِ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ حُكْمُ الْقَاضِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَإِجْبَارُهُ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الْكَلَامِ فِي الْحَالِ دُونَ الْكَلَامِ فِيمَا بَعْدُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِجْبَارِ بِالْحُكْمِ فَإِذَا أَجْبَرَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ مَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فَهُوَ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحُكْمَ تَنَاوَلَهُ تَبَعًا فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِإِجْبَارِ الْقَاضِي تَوَعُّدُهُ بِنَحْوِ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ فَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَتَّى الزَّائِدِ عَلَى الْهَجْرِ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ مُجَرَّدُ الْحُكْمِ وَالْإِلْزَامِ. اهـ.

أَقُولُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْقَاضِيَ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِإِجْبَارِ الْقَاضِي هُنَا الْجَبْرُ الْحِسِّيُّ ثُمَّ رَأَيْت سم قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا فَعَلَهُ إلَخْ) وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْحُكْمُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِذَا أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى كَلَامِهِ فَكَلَّمَهُ عَلَى وَجْهٍ زَالَ بِهِ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَنِثَ فَيَحْتَاجُ لِإِجْبَارٍ آخَرَ عَلَى الْكَلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَكَذَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ لِزَوْجَتِهِ فِي دَارِ أَبِيهَا فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الدُّخُولِ وَدَخَلَ حَنِثَ لِعَدَمِ صِحَّةِ حُكْمِ الْقَاضِي بِالدُّخُولِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ م ر. اهـ. سم أَقُولُ الظَّاهِرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ ع ش أَنَّ إجْبَارَ الْقَاضِي عَلَى أَنْ يُكَلِّمَهُ مَتَى لَاقَاهُ عَلَى الْمُعْتَادِ يَكْفِي فِي عَدَمِ الْحِنْثِ بِغَيْرِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ تَجْدِيدُ الْإِجْبَارِ (قَوْلُهُ: مَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ) ، وَهُوَ التَّكَلُّمُ مَرَّة اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّى بِهِ) تَأَمَّلْ الْجَمْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّي عَنْ الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ فِي دَارِ أَبِيهَا، وَكَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهُ إنْ حُكِمَ عَلَى الْمُولِي بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَمْ يَقَعْ، وَيَظْهَرُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ إجْبَارُ الْقَاضِي بِمُجَرَّدِ الْحُكْمِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ إجْبَارًا شَرْعِيًّا وَلَا حِسِّيًّا، وَإِنْ كَانَ بِتَهْدِيدٍ بِشَيْءٍ مِمَّا يَأْتِي فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ حِسِّيٌّ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ الْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ) أَيْ الْإِغْلَاقَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) إثْبَاتٌ لِلِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ) أَيْ بِوُقُوعِ طَلَاقِ الْغَضْبَانِ وَقَوْلُهُ: وَلَا مُخَالِفَ إلَخْ أَيْ فَكَانَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ الْإِكْرَاهِ إلَى قَوْلِهِ، وَيَظْهَرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا فِي إكْرَاهِ الْقَاضِي إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ (قَوْلُهُ: فَغَلَبَهُ النَّوْمُ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ وَقَوْلُهُ: بِوَجْهٍ أَيْ فَإِنْ تَمَكَّنَ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى غَلَبَهُ النَّوْمُ حَنِثَ وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالتَّمَكُّنِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحِنْثِ الْفَوْتُ لِوُجُودِ مَنْ يَسْتَحِي مِنْ الْوَطْءِ بِحُضُورِهِمْ عَادَةً كَمُحَرَّمَةٍ وَزَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ وَجُعِلَ ذَلِكَ عُذْرٌ أَوْ يُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ التَّمَكُّنُ الْمُعْتَادُ فِي مِثْلِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُقَالُ أَكْرَهَهُ حَتَّى أَعْطَاهُ) بَلْ يُقَالُ أَخَذَهُ مِنْهُ كُرْهًا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ حُكْمُ الْقَاضِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَإِجْبَارُهُ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الْكَلَامِ فِي الْحَالِ دُونَ الْكَلَامِ فِيمَا بَعْدُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِجْبَارِ بِالْحُكْمِ فَإِذَا أَجْبَرَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ مَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فَهُوَ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحُكْمَ تَنَاوَلَهُ تَبَعًا فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِإِجْبَارِ الْقَاضِي تَوَعُّدُهُ بِنَحْوِ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ فَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَتَّى الزَّائِدِ عَلَى الْهَجْرِ الْمُحَرَّمِ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ قُبَيْلَ وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ مُجَرَّدُ الْحُكْمِ وَالْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا فَعَلَهُ إلَخْ) وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْحُكْمُ أَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ لَمْ يُوجَدْ فَلَا يَشْمَلُهُ الْحُكْمُ فَإِذَا أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى كَلَامِهِ فَكَلَّمَهُ عَلَى وَجْهٍ زَالَ بِهِ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَنِثَ فَيَحْتَاجُ لِإِجْبَارٍ آخَرَ عَلَى الْكَلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَكَذَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ لِزَوْجَتِهِ فِي دَارِ أَبِيهَا فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الدُّخُولِ وَدَخَلَ حَنِثَ لِعَدَمِ صِحَّةِ حُكْمِ الْقَاضِي بِالدُّخُولِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فَلَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ دَاخِلَ الدَّارِ، وَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الدُّخُولِ وَدَخَلَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: كَطَلِّقْ زَوْجَتَك، وَإِلَّا قَتَلْتُك بِقَتْلِك أَبِي) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ مَا يَعُمُّ كَوْنَ الْمُكْرَهِ بِهِ حَقًّا لَا خُصُوصَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015