وَلَوْ حَذَفَهُ لَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ وَيَصِحُّ أَنْ يُشِيرَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَخَصُّ مِنْ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى السَّلَاطِينِ الْمُخْتَلِفَةِ وَأَنَّ الْإِقْطَاعَ إنَّمَا هُوَ مِنْ وَظِيفَةِ الْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ قَوْلِ مَا مَرَّ (مَوَاتًا) لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ إقْطَاعِهِ لَهُ أَوْ لِيُحْيِيَهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ (صَارَ أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِ) بِمُجَرَّدِ الْإِقْطَاعِ أَيْ مُسْتَحِقًّا لَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَصَارَ (كَالْمُتَحَجِّرِ) فِي أَحْكَامِهِ السَّابِقَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَا أَقْطَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْلِكُهُ الْغَيْرُ بِإِحْيَائِهِ كَمَا لَا يُنْقَضُ حِمَاهُ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقْطَعَ لَا يُمْلَكُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إنَّهُ يُمْلَكُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى مَا إذَا أَقْطَعَهُ الْأَرْضَ تَمْلِيكًا لِرَقَبَتِهَا كَمَا مَرَّ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مَوَاتًا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إقْطَاعُ غَيْرِهِ وَلَوْ مُنْدَرِسًا لَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِهِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِلْكًا لِمَرْجُوٍّ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِ مَرْجُوٍّ فَهُوَ مِلْكٌ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيَجُوزُ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَهُ) أَيْ أَضْمَرَهُ (قَوْلُهُ لَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ) لَكِنَّ ذِكْرَهُ أَوْضَحُ اهـ سم (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَى السُّلْطَانِ تَفْوِيضًا مُطْلَقًا عَامًّا اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِ مَا مَرَّ) أَيْ أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِي فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لَكِنَّ الْعَمَلَ إلَى وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ إقْطَاعِهِ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ اهـ سم (قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِهِ السَّابِقَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْيَاهُ آخَرُ مَلَكَهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ اهـ سم أَقُولُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَنْهَجُ
(قَوْلُهُ وَذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَصْلُ فِي الْإِقْطَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ إلَخْ وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٌ بِحَضْرَمَوْتَ» اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) لَكَ أَنْ تَقُولَ التَّعْبِيرُ بِالْأَمْوَالِ يُخْرِجُ الْمَوَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا لَهُمْ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِمَا هُنَا بَلْ لِمَا سَيُفِيدُهُ الشَّارِحُ قَرِيبًا بِقَوْلِهِ أَوْ لِغَيْرِ مَرْجُوٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ سم وَأَقَرَّهَا ع ش كَأَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ الْقِيَاسُ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي إقْطَاعِ الْمَوَاتِ وَأَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ لَيْسَتْ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَصَنِيعُ الْمُغْنِي الْمَارُّ آنِفًا سَالِمٌ عَنْ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لَكِنْ يُسْتَثْنَى هُنَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا أَقْطَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ أَنَّ مَا أَقْطَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ إرْفَاقًا اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يُمْلَكُ) أَيْ بِالْإِقْطَاعِ (قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُهُ الْغَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الْمُقْطَعِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) وَهُوَ قَوْلُهُ لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي
تَنْبِيهٌ هَلْ يُلْحَقُ الْمُنْدَرِسُ الضَّائِعُ بِالْمَوَاتِ فِي جَوَازِ الْإِقْطَاعِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْبَحْرِ نَعَمْ بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ جَعْلِهِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ أُجِيبُ بِأَنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مُقَيِّدٌ لِذَاكَ، وَأَمَّا إقْطَاعُ الْعَامِرِ فَعَلَى قِسْمَيْنِ إقْطَاعُ تَمْلِيكٍ وَإِقْطَاعُ اسْتِغْلَالٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُقْطِعَ الْإِمَامُ مِلْكًا أَحْيَاهُ بِالْأُجَرَاءِ وَالْوُكَلَاءِ أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ وَكِيلُهُ فِي الذِّمَّةِ فَيَمْلِكُهُ الْمُقْطَعُ بِالْقَبُولِ وَالْقَبْضِ إنْ أَبَّدَ أَوْ أَقَّتَ بِعُمُرِ الْمُقْطَعِ وَهُوَ الْعُمْرَى وَيُسَمَّى مَعَاشًا وَالْأَمْلَاكُ الْمُتَخَلِّفَةُ عَنْ السَّلَاطِينِ الْمَاضِيَةِ بِالْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لِلْإِمَامِ الْقَائِمِ مَقَامَهُمْ بَلْ لِوَرَثَتِهِمْ إنْ ثَبَتُوا وَإِلَّا فَكَالْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ، وَلَا يَجُوزُ إقْطَاعُ أَرَاضِي الْفَيْءِ تَمْلِيكًا وَلَا إقْطَاعُ الْأَرَاضِي الَّتِي اصْطَفَاهَا الْأَئِمَّةُ لِبَيْتِ الْمَالِ مِنْ فُتُوحِ الْبِلَادِ إمَّا بِحَقِّ الْخُمُسِ وَإِمَّا بِاسْتِطَابَةِ نُفُوسِ الْغَانِمِينَ وَلَا إقْطَاعُ أَرَاضِي الْخَرَاجِ صُلْحًا وَفِي إقْطَاعِ أَرَاضِي مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَجْهَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ وَيَجُوزُ إقْطَاعُ الْكُلِّ مَعَاشًا وَالثَّانِي أَنْ يُقْطِعَ غَلَّةَ أَرَاضِي الْخَرَاجِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا أَحْسَبُ فِي جَوَازِ الْإِقْطَاعِ لِلِاسْتِغْلَالِ خِلَافًا إذَا وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّجْدَةِ قَدْرًا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ غَيْرِ مُجَازَفَةٍ اهـ أَيْ فَيَمْلِكُهَا الْمُقْطَعُ لَهُ بِالْقَبْضِ وَيَخْتَصُّ بِهَا قَبْلَهُ فَإِنْ أَقْطَعَهَا مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ بَطَلَ وَكَذَا مِنْ أَهْلِ الْمَصَالِحِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُعْطَوْا مِنْ مَالِ الْخَرَاجِ شَيْئًا لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ بِمَالٍ مُقَدَّرٍ قَدْ وُجِدَ سَبَبُ اسْتِبَاحَتِهِ كَالتَّأْذِينِ وَالْإِمَامَةِ وَغَيْرِهِمَا وَأَنْ يَكُونَ قَدْ حَلَّ الْمَالُ وَوَجَبَ لِيَصِحَّ الْحَوَالَةُ بِهِ وَيَخْرُجُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْطَاعِ وَإِنْ أَقْطَعَهَا مِنْ الْقُضَاةِ أَوْ كُتَّابِ الدَّوَاوِينِ جَازَ سَنَةً وَاحِدَةً وَهَلْ يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ إنْ كَانَ جِزْيَةً وَالْجَوَازُ إنْ كَانَ أُجْرَةً وَيَجُوزُ الْإِقْطَاعُ لِلْجُنْدِيِّ مِنْ أَرْضٍ عَامِرَةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ بِحَيْثُ تَكُونُ مَنَافِعُهَا لَهُ مَا لَمْ يَنْزِعْهَا الْإِمَامُ
وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إجَارَتُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَا يَحْصُلُ لِلْجُنْدِيِّ مِنْ الْفَلَّاحِ مِنْ مُغَلٍّ وَغَيْرِهِ فَحَلَالٌ بِطَرِيقِهِ وَمَا يَعْتَادُ أَخْذَهُ مِنْ رُسُومٍ وَمَظَالِمَ فَحَرَامٌ وَالْمُقَاسَمَةُ مَعَ الْفَلَّاحِ حَيْثُ الْبَذْرُ مِنْهُ مَنَعَهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَغَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْفَلَّاحِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَإِذَا وَقَعَ التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ الْمُقَاسَمَةِ عِوَضًا عَنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فَحَقٌّ عَلَى الْجُنْدِيِّ الْمُقْطَعِ أَنْ يُرْضِيَ الْفَلَّاحَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَأْخُذَ مِنْهُ إلَّا مَا يُقَابِلُ أُجْرَةَ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْجُنْدِيِّ فَجَمِيعُ الْمُغَلِّ لَهُ وَلِلْفَلَّاحِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا عَمِلَ فَإِنْ رَضِيَ الْفَلَّاحُ عَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِذَلِكَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَهُ لَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ) لَكِنَّ ذِكْرَهُ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ إقْطَاعِهِ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِهِ السَّابِقَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْيَاهُ آخَرُ مَلَكَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ الْقِيَاسُ