لَا يُزْعَجُ مِنْهُ وَالْجُلُوسُ مَحَلُّهُ وَجَعْلُهُ فِي دَقَائِقِهِ حَبَّةَ الْبُرِّ غَيْرَ مَالٍ مُرَادُهُ بِهِ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهَا مَالٌ وَعَبَّرَ أَصْلُهُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمُتَمَوَّلِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الضَّمَانُ الْآتِي وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى أَعَمَّ مِنْهُ كَمَا تَقَرَّرَ لِيَكُونَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِ الْغَصْبِ الْمُحَرَّمِ الْوَاجِبِ فِيهِ الرَّدُّ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَيُصَرِّحُ بِانْتِفَائِهِ عَنْ غَيْرِ الْمَالِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ فَصَنِيعُهُ أَحْسَنُ خِلَافًا لِمَنْ انْتَصَرَ لِصَنِيعِ أَصْلِهِ (عُدْوَانًا) أَيْ عَلَى جِهَةِ التَّعَدِّي وَالظُّلْمِ وَخَرَجَ بِهِ نَحْوُ عَارِيَّةٍ وَمَأْخُوذٍ بِسَوْمٍ وَأَمَانَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى حِجْرِهِ أَوْ دَارِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتُهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ وَالْغَالِبَ مِنْ الْغَصْبِ مَا يَقْتَضِي الْإِثْمَ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَاسْتُحْسِنَتْ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَتَقْتَضِي أَنَّ الثَّابِتَ فِيهَا حَقِيقَةُ الْغَصْبِ نَظَرًا إلَى أَنَّ حَقِيقَتَهُ صَادِقَةٌ مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَدِّي إذْ الْقَصْدُ بِالْحَدِّ ضَبْطُ سَائِرِ صُوَرِ الْغَصْبِ الَّتِي فِيهَا إثْمٌ وَاَلَّتِي لَا إثْمَ فِيهَا
وَاسْتَحْسَنَ الرَّافِعِيُّ زِيَادَةَ " قَهْرًا " لِتَخْرُجَ السَّرِقَةُ وَغَيْرُهُ زِيَادَةً لَا عَلَى وَجْهِ اخْتِلَاسٍ أَوْ انْتِهَابٍ وَرُدَّا بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ خَارِجَةٌ بِالِاسْتِيلَاءِ لِإِنْبَائِهِ عَنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَالتَّنْظِيرُ فِي هَذَا بِادِّعَاءِ أَنَّ السَّرِقَةَ نَوْعٌ مِنْ الْغَصْبِ أُفْرِدَ بِحُكْمٍ خَاصٍّ فِيهِ نَظَرٌ وَصَنِيعُهُمْ بِإِفْرَادِهَا بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ وَجَعْلُهَا مِنْ مَبَاحِثِ الْجِنَايَاتِ قَاضٍ بِخِلَافِهِ وَآخِذُ مَالَ غَيْرِهِ بِالْحَيَاءِ لَهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ مَنْ طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ مَالًا فِي الْمَلَأِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ لِبَاعِثِ الْحَيَاءِ فَقَطْ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَهُوَ كَبِيرَةٌ، قَالَا عَنْ الْهَرَوِيِّ: إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَاعْتُرِضَ بِنَقْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ لَكِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ مَعَ الِاسْتِحْلَالِ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ كُفْرٌ وَمَعَ عَدَمِهِ فِسْقٌ وَكَأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَصَرِيحُ مَذْهَبِنَا أَنَّ اسْتِحْلَالَ مَا تَحْرِيمُهُ ضَرُورِيٌّ كُفْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَمَا لَا فَلَا وَإِنْ فَعَلَهُ فَتَفَطَّنْ لَهُ.
(فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَمِلَ الِاخْتِصَاصَاتِ كَحَقٍّ مُتَحَجِّرٍ وَمَنْ قَعَدَ بِنَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ إلَخْ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ لَا يُزْعَجُ مِنْهُ) وَصْفٌ لِسُوقٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ جُلُوسُهُ بِحَقٍّ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْجُلُوسُ مَحَلَّهُ) أَسْقَطَهُ النِّهَايَةُ وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَالَ الْبُجَيْرَمِيُّ قَوْلُهُ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ إلَخْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَى مَحَلِّهِ شَيْخُنَا. اهـ
(قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ وَ (قَوْلُهُ حَبَّةَ الْبُرِّ غَيْرُ مَالٍ) مَفْعُولًا لِجَعَلَ وَ (قَوْلُهُ مُرَادُهُ إلَخْ) الْجُمْلَةُ خَبَرُ الْجَعْلِ (قَوْلُهُ وَعَبَّرَ أَصْلُهُ إلَخْ) أَيْ بَدَلَ حَقِّ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ فَإِنَّ كَلَامَ الْمِصْبَاحِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا كَانَ صِفَةً لِلْمَالِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَمَا كَانَ صِفَةً لِلْمَالِكِ اسْمُ فَاعِلٍ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ خَمْرًا إلَخْ (قَوْلُهُ عَنْ غَيْرِ الْمَالِ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ وَالظُّلْمُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ نَحْوُ عَارِيَّةٍ إلَخْ) كَمَأْخُوذٍ بِإِبَاحَةٍ (قَوْلُهُ إلَى حِجْرِهِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا طَيَّرْته إلَى مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ كَالْمَسْجِدِ. اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ) أَيْ جَمْعُ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الثَّابِتَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْوُرُودِ (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتُهُ مَمْنُوعٌ وَهُوَ نَاظِرٌ إلَى أَنَّ الْغَصْبَ يَقْتَضِي الْإِثْمَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مُرَادًا، وَإِنْ كَانَ غَالِبًا. اهـ وَعَلَى هَذِهِ يَتِمُّ التَّقْرِيبُ بِخِلَافِ مَا فِي الشَّرْحِ قَالَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي نَقْلًا عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ إثْمًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِثْمًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا. اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ زَادَ الشِّهَابُ سم عَلَى مَا ذُكِرَ وَحَقِيقَتُهُ لَا ضَمَانًا وَلَا إثْمًا بَلْ وُجُوبُ رَدِّ - فَقَطْ - الِاسْتِيلَاءِ بِلَا تَعَدٍّ عَلَى مُحْتَرَمٍ غَيْرِ مَالٍ كَأَخْذِ سَرْجَيْ الْغَيْرِ يَظُنُّهُ لَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَيْ بَدَلَ عُدْوَانًا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ) خَبَرٌ وَعِبَارَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَشْمَلُ إلَخْ) يُمْكِنُ حَمْلُ الْعُدْوَانِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْعُدْوَانَ فِي الْوَاقِعِ فَيَشْمَلُهَا أَيْضًا. اهـ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ بَلْ قَدْ يَدْخُلُ الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ بِادِّعَاءِ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ الْقَصْدُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعِلِّيَّةِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ إلَخْ لِلِاسْتِحْسَانِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَاسْتَحْسَنَ غَيْرُ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ وَرَدَّا) أَيْ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ خَارِجَةٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ. اهـ سم (قَوْلُهُ لِإِنْبَائِهِ عَنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ) هَلْ يَتَحَقَّقَانِ فِي أَخْذِ مَا ظَنَّهُ مَالَهُ. اهـ سم (قَوْلُهُ فِي هَذَا) أَيْ فِي إخْرَاجِ السَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا. اهـ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ فِي الرَّدِّ الْمَذْكُورِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَآخِذُ مَالٍ) إلَى قَوْلِهِ قَالَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ لَهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طَلَبٌ مِنْ الْآخِذِ فَالْمَدَارُ عَلَى مُجَرَّدِ الْعِلْمِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ دَفَعَهُ حَيَاءً لَا مُرُوءَةً أَوْ رَغْبَةً فِي خَيْرٍ وَمِنْهُ مَا لَوْ جَلَسَ عِنْدَ قَوْمٍ يَأْكُلُونَ مَثَلًا وَسَأَلُوهُ فِي أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُمْ وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ حَيَائِهِمْ مِنْ جُلُوسِهِ عِنْدَهُمْ. اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَلَأِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَكَذَا الطَّلَبُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا (قَوْلُهُ وَهُوَ كَبِيرَةٌ) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِلْمَالِ، وَإِنْ قَلَّ وَلِلِاخْتِصَاصَاتِ وَمَا لَوْ أَقَامَ إنْسَانًا مِنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ فَيَكُونُ كَبِيرَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَصْبِ نَحْوِ حَبَّةِ الْبُرِّ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهِ أَكْثَرُ وَالْإِيذَاءُ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ أَشَدُّ. اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْغَصْبُ كَبِيرَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْمَغْصُوبُ نِصَابَ سَرِقَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ نِصَابًا) أَيْ نِصَابَ سَرِقَةٍ وَهُوَ رُبُعُ دِينَارٍ (قَوْلُهُ وَيُوَافِقُهُ) أَيْ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَمَعَ عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الِاسْتِحْلَالِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إلَخْ) أَيْ وَلَعَلَّ نِسْبَةَ هَذَا التَّفْصِيلِ لِلْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ، وَإِلَّا فَصَرِيحُ الْمَذْهَبِ يُفِيدُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ لِعَزْوِهِ لِلْمَاوَرْدِيِّ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ وَعَلِمَ حُرْمَتَهُ. اهـ ع ش وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالْعِلْمِ نَحْوَ الظَّنِّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً) ، وَلَوْ نَقَلَ الدَّابَّةَ وَمَالِكُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا بِأَنْ أَخَذَ بِرَأْسِهَا وَسَيَّرَهَا مَعَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَتْ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ) يُمْكِنُ حَمْلُ الْعُدْوَانِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْعُدْوَانَ فِي الْوَاقِعِ فَيَشْمَلُهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ خَارِجَةٌ بِالِاسْتِيلَاءِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فِي الِاخْتِلَاسِ (قَوْلُهُ لِإِنْبَائِهِ عَنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ)